واختلاف اللفظين والمعنى واحد ، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين ، وسترى ذلك إن شاء الله".
قال أبو سعيد : هذا آخر الباب من كلام سيبويه. قوله : " اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين" يحتمل وجهين : يحتمل أن يكون أراد باللفظين الكلمتين ، ويحتمل أن يكون أراد الحركتين ؛ فإن كان أراد الكلمتين ، فهو نحو" دار" و" ثوب" و" إنسان" وما أشبه ذلك مما يخالف بعضه بعضا في اللفظ والمعنى ، وعليه أكثر الكلام ، وإن كان أراد باللفظ الحركة ، فهو قولك : " ما أحسن زيدا" إذا أردت التعجّب ، و" ما أحسن زيد" ، إذا أردت أنه لم يحسن ، و" ما أحسن زيد" إذا استفهمت أيّ شيء منه أحسن ، أعينه ، أم أنفه ، أم وجهه ، أم خدّه؟
وكذلك" ضرب زيد عمرا" اختلفت حركة زيد وحركة عمرو ، لاختلاف المعنيين ، إذ كان أحدهما فاعلا والآخر مفعولا.
وأما قوله : " واختلاف اللفظين ، والمعنى واحد" فهو على الوجه الذي جعلنا فيه اللفظين هما الكلمتين ، نحو : " الجلوس" و" القعود" ومعناهما واحد ، ولفظاهما مختلفان ، ونحو : " هلمّ" و" تعال" و" أقبل" ، وعلى الوجه الذي جعلنا فيه اللفظين هما الحركتين ، فهو قولك : " إنّ زيدا قائم" و" زيد قائم" معناهما واحد ، ولفظهما مختلف ، ومثله قوله : " زيدا ظننت قائما" و" زيد ظننت قائم" ، حركاتهما مختلفة ومعناهما واحد.
وقوله : " واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين" على الوجه الذي جعلنا فيه اللفظين الكلمتين ؛ قولك : " عين" يصلح لمعان شتىّ مختلفة ، منها : العين التي تبصر بها ، ومنها عين الرّكبة ، وعين الميزان ، والعين من عيون الماء ، ودينار عين ، ومطر العين الذي من نحو القبلة ، وعين القوم يكون الرئيس ويكون الذي يبحث لهم عن الأخبار ، و" جلس" إذا قعد ، و" جلس" إذا أتى نجدا ، وهو جلس ، إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة.
وعلى الوجه الذي جعلنا اللفظين فيه هما الحركتين قولك : " ضرب عمرو زيدا" ، فيكون" زيد" مفعولا و" عمرو" فاعلا ، ثم تقول : ضرب زيد فيكون مفعولا ، مرفوع اللفظ كلفظ الفاعل ، فاتفق لفظ الفاعل ولفظ المفعول به والمعنى مختلف.
فإن قال قائل : لم أتى سيبويه بهذا الباب ، وما الفائدة فيه من طريق الإعراب؟ فإن بعض النحويين أجاب عن هذا بأن قال : أراد سيبويه باختلاف اللفظين اختلاف