قال سيبويه : (ونظير جعلهم" ما" وحدها اسما قول العرب : " إني مما أن أصنع" أي : من الأمر أن أصنع ، فجعل" ما" وحدها اسما. ومثل ذلك" غسلت غسلا نعمّا" أي نعم الغسل).
وقد بينا هذا.
قال سيبويه : (وتقول : " ما كان أحسن زيدا" ، فتذكر كان لتدل على أنه كان فيما مضى).
إذا قلت : " ما كان أحسن زيدا" ففي" كان" وجهان :
أحدهما : أن تكون زائدة ، كأنك قلت : " ما أحسن زيدا" ، ثم أدخلت" كان" لتدل على الماضي ، وفي" كان" ضمير الكون على ما قدمنا في معنى" كان" إذا كانت زائدة ، والوجه الثاني أن تجعل" ما" مبتدأة ، وتجعل في" كان" ضميرا من" ما" وهو اسم" كان" ، وتجعل" أحسن" خبر" كان" ، كقولك : " زيد كان ضرب عمرا".
قال أبو الحسن : وإن شئت جعلت" أحسن" صلة" لما" ، وأضمرت الخبر ، فهذا أكثر وأقيس ، وقد ذكرنا هذا.
وقالوا : " ما أصبح أبردها" و" ما أمسى أدفأها" وليس هذا من كلام سيبويه ، وهو غير جائز ، وذلك أن الذين قالوا من النحويين : " ما أصبح أبرد الغداة" جعلوا" أصبح" بمنزلة" كان" ، و" أصبح" لا تشبه" كان" في هذا الموضع من وجهين :
أحدهما : أن" أصبح" لا تكون زائدة مثل" كان".
الوجه الثاني : أنك إذا قلت" كان" فقد دللت على ماض ولم توجب له في الحال شيئا ، وإذا قلت : " أصبح" ، فقد أوجبت دخوله فيه ، وبقاءه عليه. ألا ترى أنك تقول : " كان زيد غنيا" ، فلا توجب له الغنى في حال إخبارك. وتقول : " أصبح زيد غنيا" ، فتوجب له الدخول في الغنى والخروج عن الفقر فاعرفه ـ إن شاء الله تعالى ـ.
هذا باب الفاعلين والمفعولين اللذين كل واحد منهما
يفعل بفاعله مثل الذي يفعل به
وما كان نحو ذلك
قال أبو سعيد : اعلم أن من العرب إذا عطفت فعلا على فعل ـ وكان كل واحد من الفعلين متعلقا باسمين أو باسم واحد ـ فإنهم يستجيزون في ذلك ما لا يستجيزونه في