غيره من كلامهم. فمن ذلك أنك تقول : " قام وقعد أخوك" فأنت بالخيار إن شئت رفعت الأخ بالفعل الأول ، وإن شئت رفعته بالفعل الثاني.
فإن رفعته بالفعل الأول فتقديره : قام أخوك وقعد ، ويكون في" قعد" ضمير من الأخ ، وإذا ثنيته ، أو جمعت على هذا الوجه قلت : " قام وقعدا أخواك" ، و" قام وقعدوا إخوتك" ، و" قامت وقعدن الهندات" ، ويكون قد جعلت الاسم الذي تعلق بالفعل الأول بعد الفعل الثاني ، فقد فصلت بين الفعل الأول وفاعله بجملة. فهذا لا يجوز في كل مكان ، وإن أعملت الفعل الثاني في" الأخ" ، جعلت في الفعل الأول ضمير الأخ ؛ لأن الفعل لا يخلو من فاعل مظهر أو مضمر. وإذا ثنيت أو جمعت على هذا الوجه قلت : " قاما وقعدا أخواك" ، و" قاموا وقعدوا إخوتك" ، " وقمن وقعدت الهندات" ، فتضمر في الأول ضمير الفاعل قبل الذكر ، وليس ذلك بمستحسن في جميع المواضع وهو هاهنا الاختيار.
وإذا كان الفعل متعديا إلى مفعول جرى هذا المجرى ، فقلت : " ضربني وضربت زيدا" إن أعملت الفعل الآخر ، وتجعل في" ضربني" ضمير الفاعل ولا بد من ذلك ، لأن الفعل لا يخلو من فاعل. فإذا ثنيت أو جمعت ـ على هذا الوجه ـ قلت : " ضرباني وضربت الزيدين" و" ضربوني وضربت الزيدين" و" ضربني وضربت الهندات".
وإن أعملت الفعل الأول في هذه الوجوه ، كان الاختيار أن تقول : " ضربني وضربته زيد" ، لأن التقدير : ضربني زيد وضربته وضربني وضربتهما الزيدان ، و" ضربني وضربتهم الزيدون" ، و" ضربتني وضربتهن الهندات".
ويجوز حذف ضمير المفعول من الفعل الثاني ؛ لأن المفعول يجوز حذفه ؛ لأنه كالفضلة المستغنى عنها. وقد علم أن الفعل قد وقع به ، وقال الله تعالى : (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) على معنى والذاكراته (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ)(١) ، ولم يأت للفعل الثاني بمفعول اكتفاء بالأول.
وإذا قلت : " ضربت وضربني زيد" فأعملت الفعل الثاني ، رفعت" زيدا" به ، ولم تأت للأول بمفعول ، وقد علم أنه واقع" بزيد" ؛ لذكرنا في الفعل الثاني ، فلم تضمره كما أضمرته حيث كان فاعلا ؛ لأنهم احتملوا إضماره قبل الذكر حيث كان فاعلا ؛ لأن الفعل
__________________
(١) سورة الأحزاب ، آية : ٣٥.