وأما ما قاله أبو العباس ، في وقوعها موقع كل اسم في معنى جماعة ، فليس ذلك بمشهور من كلام العرب ، ولا يكاد يعرف" جاءني كل أحد" ، وإن صحت الرواية ، جاز أن يكون" أحد" في معنى" واحد".
ثم مثل سيبويه تمثيلات يبين لك فيها أن أحدا نفي عام ، فقال :
(لو قلت : " كان أحد من آل فلان ، لم يجز ؛ لأنه إنما وقع في كلامهم نفيا عاما. يقول الرجل : " أتاني رجل" ، يريد واحدا في العدد لا اثنين).
أراد سيبويه : أن قول القائل : " أتاني رجل" خاص ؛ لأنه أراد : واحدا ، فيجوز أن ينفى هذا بعينه.
(فيقال : " ما أتاك رجل" ، أي أتاك أكثر من ذلك).
فيكون هذا نفيا خاصا.
(ويقول : " أتاني رجل لا امرأة" ، فيقال : " ما أتاك رجل" ، أي : أتتك امرأة).
فيكون هذا أيضا نفيا خاصا ؛ لأنه نفى الذكور دون الإناث.
(ويقول : " أتاني اليوم رجل". أي في قوته ونفاذه ، فيقول : " ما أتاك رجل" أي أتاك الضعفاء) ، فيكون نفيا خاصا ؛ لأنه نفى الأشداء.
(فإذا قلت : " ما أتاك أحد" كان نفيا).
لهذا كله ، الواحد والجماعة ، والرجال والنساء ، والأشداء والضعفاء.
قال سيبويه : (ولو قلت : " ما كان مثلك أحدا" ، و" ما كان زيد أحدا". كنت ناقضا ؛ لأنه قد علم أنه لا يكون" زيد" ، ولا" مثله" إلا من الناس).
قال أبو سعيد : قد قدمنا أن الفائدة إنما تكون في الخبر دون الاسم. فإذا قلت : " ما كان مثلك أحدا" ، " وما كان زيد أحدا مثلك" ، " فمثلك" ، و" زيد" هو الاسم ، و" أحد" هو الخبر ، والنفي واقع على" أحد" و" أحد" معناه : إنسان ، فكأنك قلت : " ما كان مثلك إنسانا" ، " وما كان زيد إنسانا" ، فهذا محال. إلا أن تريد : معنى الوضع منه ، أو الرفعة له ، وإن كنت معتقدا أنه إنسان من الجنس. ألا ترى أنك تقول : " ما زيد بإنسان" ، إذا أردت أنه ينسلخ عن الأخلاق التي ينبغي أن يتخلق بها الإنسان ، وكذلك يقال : " ما أنت إنسانا" عند فضل بارع يظهر منه ، يقل وجوده في الناس قال : " فلست بإنسي ، ولكن بملاك".
قال سيبويه : (ولو قلت : " ما كان مثلك اليوم أحد" ، فإنه يريد ألا يكون في اليوم