قال : (وتقول : " رأيت القوم حتى عبد الله" فإنما ، معناه : أنك قد رأيت عبد الله مع القوم ، كما كان : " رأيت القوم وعبد الله" على ذلك).
يعني : أنك إذا قلت : " رأيت القوم حتى عبد الله" ، فمعنى" حتى" ، وإن خفضت ما بعدها كمعناها إذا نصبت ما بعدها ، وذلك أن قولك : " رأيت القوم حتى عبد الله" فمعناه : " رأيت القوم واحدا واحدا إلى أن انتهيت برؤيتي إلى عبد الله" ، ف" عبد الله" داخل في الرؤية ، والخفض فيه بمعنى" إلى".
وإذا قلت : " رأيت القوم حتى عبد الله" ، ف" حتى" بمعنى الواو ، وهي بمنزلة قولك : " رأيت القوم مع عبد الله" و" رأيت القوم وعبد الله" والمعنى فيهما واحدا ، وإن كان" عبد الله" مجرورا في أحد اللفظين.
وتقول : " ضربت القوم حتى زيدا أنا ضاربه" ، فتنصب" زيدا" ؛ لأن قولك : " أنا ضاربه" ، بمنزلة قولك : " أضربه" ، فكأنك قلت : " ضربت القوم حتى زيدا أضربه" ، على تقدير : حتى أضرب زيدا أضربه. وقد بينا أن اسم الفاعل يجري مجرى الفعل ، وأن إضافته إلى المفعول إذا أردت به معنى التنوين لا يخرجه عن حكم الفعل ، وإن جررت ما بعده به.
قال : (فهي كالواو ، إلا أنك تجر بها إذا كانت غاية ، والمجرور مفعول كما أنك إذا قلت : " هذا ضارب زيد غدا" تجر لكف التنوين وهو مفعول بمنزلته منصوبا منونا ما قبله).
يعني : أن قولك : " رأيت القوم حتى عبد الله" وإن جررته فهو مفعول واقع عليه الرؤية ، بمنزلته إذا قلت : " رأيت القوم حتى عبد الله" فنصبته ، كما أنك إذا قلت : " هذا ضارب زيد غدا" ، فهو بمنزلة قولك : " هذا ضارب زيدا غدا" في أنهما مفعولان.
قال : (ولو قلت : " هلك القوم حتى زيدا أهلكته" ، اختير النصب ؛ ليبنى على الفعل ، كما بني ما قبله مرفوعا كان أو منصوبا ، كما فعل ذلك بعد ما بنى على الفعل وهو مجرور).
قال أبو سعيد : قد قدمنا أن الجملة الأولى إذا كان صدرها فعلا اختير في الثانية مثل ذلك ، سواء أكان الفعل عمل في منصوب أو لم يعمل فيه تقول : " قام زيد وعمرا كلمته" ، و" مررت بزيد وعمرا كلمته" ، و" ضربت زيدا وعمرا كلمته".