نفي هذه الشبهة ، وإثبات أن الإِنسان مختار ، وحر في تصرفاته ، وإذا صدر منه الذنب ، أو ما يضر بنفسه فإنما ذلك بسوء تصرفه وان كانت تلك النتائج حتمية الوقوع لحصول الأوليات بسببه . لذا أجاب الإِمام ذلك الشيخ قائلاً : « مه يا شيخ فإن الله قد عظم أجركم في مسيركم ، وأنتم سائرون ، وفي مقامكم وأنتم مقيمون ، وفي إنصرافكم ، وانتم منصرفون ولم تكونوا في شيء من أموركم مكرهين ، ولا اليه مضطرين .
لعلك ظننت أنه قضاء حتم ، وقدر لازم لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب ، والعقاب ، ولسقط الوعيد ، والوعيد (١) .
ومن خلال هذا الجواب حيث يقول ( عليه السلام ) : « ولم تكونوا في شيء من أموركم مكرهين ولا اليه مضطرين » . تتضح لنا نقطة حساسة بها تنحل مشكلة الإِجبار على الفعل ، وتلك هي ما يتوسط بين مرحلتي التقدير ، القضاء من وجود إرادة الإِنسان ، واختياره فإن ذهاب هؤلاء ، ومن ضمنهم السائل المذكور حيث كان بإختيارهم وإرادتهم كان الأجر ، والثواب محفوظين لهم ، ولم يكونوا مكرهين على سفرهم ذلك ، ولا مضطرين اليه فلم يكن في البين إجبار على سفرهم ليسقط الوعد ، والوعيد ، وليبطل ثوابهم .
ان هذه الحرية ، والإِختيار التي من الله بها على العباد هي التي عبر عنها الإِمام الصادق ( عليه السلام ) : بالأمر بين الأمرين .
حيث جاء ذلك في حديث قال فيه :
__________________
(١) تحف العقول : ص (٤٦٨) .