« ولا جبر ، ولا تفويض ، ولكن أمر بين أمرين » (١) .
فأفعالنا من جهة كون أسبابها الطبيعية بأيدينا فهي إذاً تحت قدرتنا ، وإختيارنا وهو تعالى لم يجبرنا عليها ليقال : بإنه عز وجل ظلمنا في عقابه لنا عليها ـ وفي نفس الوقت ـ لم يترك المجال كلية لنا بحيث يكون هو أجنبياً عنها ليكون مسلوب القدرة إزاءها ، بل هي أفعالنا ، ولله الكلمة الفصل فيها ـ وعلى سبيل التوضيح ـ نقول : أنا لو وجدنا السبب بأنفسنا ، وكنا عالمين بأنه يحصل المسبب بعد حدوثه فهنا لو لم يتدخل الله ليمنع تأثير ذلك السبب وتوقيفه فإنه بعدم تدخله لم يكن قد ظلمنا ، وصحيح انه تعالى كان بامكانه أن يقف في طريق تأثير السبب ، إلَّا أنه حيث لم يتدخل لم يكن ذلك ـ كما قلنا ـ ظلم منه في حقنا لاننا نحن الذين أوجدنا السبب ، وعلمنا بأن المسبب محقق الحدوث بعد حصول سببه فالعقاب نستحقه بدون حيف .
يقول الإِمام الرضا « عليه السلام » : « ما من فعل يفعله العباد من خير وشر إلا ، ولله فيه قلت : فما معنى القضاء ؟ قال : الحكم عليهم بما يستحقون من أفعالهم من الثواب ، والعقاب في الدنيا ، والآخرة » (٢) .
فالقضاء كما أوضحه الإِمام في كلامه هذا هو الحكم المترتب على أفعالهم فإن اختاروا الخير كان القضاء هو الحكم لهم بالثواب ، وان كان ما إختاروه شراً كان القضاء هو الحكم عليهم بالعقاب .
__________________
(١) اصول الكافي : باب الجبر ، والقدر ، والأمر بين الأمرين : حديث (١٣) .
(٢) البحار : مجلد / ٣ / ص (٥) .