في عتقه منها فتتركه فيها ؟ هيهات ما ذلك الظن بك ، ولا المعروف من فضلك ، ولا مشبه لما عاملت به الموحدين من برك ، وإحسانك . فباليقين أقطع لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك ، وقضيت به من إخلاد معانديك لجعلت النار كلها برداً وسلاماً ، وما كانت لأحدٍ فيها مقراً ولا مقاماً . لكنك تقدست أسماؤك أقسمت أن تملأها من الكافرين من الجنة ، والناس أجمعين ، وان تخلد فيها المعاندين . وأنت جل ثناؤك قلت مبتدئاً وتطولت بالإِنعام متكرماً : أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون .
ويشتمل هذا الفصل على ثلاثة مقاطع من الدعاء .
يبدأ المقطع الأول من قوله : « فبعزتك يا سيدي ، ومولاي أقسم صادقاً » وينتهي بقوله : « يا حبيب قلوب الصادقين ويا إلۤه العالمين » .
وفي هذا المقطع نرى الداعي يخرج فيه عن هدوئه ، واتزانه ليعلن لربه بأنه سينزع عن كتفيه لباس المسكنة ، ويخرج عن طوره . فيجعل من جهنم منبراً لإِظهار جزعه مستعملاً لذلك كل عوامل الضجيج ، والفزع صارخاً باكياً مستغيثاً ليجلب بهذه الطريقة عطف الله عليه ، وليؤكد له تعالى بأن آماله في التجاوز عنه لم تنقطع حتى ولو أدخل في جهنم ، وحكم عليه فيها بالبقاء مقدار المدة المحكوم بها عليه .