« عن معاوية بن وهب قال : دخلت يوم عاشوراء الى دار مولاي جعفر الصادق عليهالسلام فرأيته ساجداً في محرابه فجلست من ورائه حتى فرغ ، فأطال في سجوده ، وبكائه ، فسمعته وهو ساجد يناجي ربه ويدعو بالغفران لنفسه ولإخوته ولزوار أبي عبد الله الحسين ويكرر ذلك ... ».
ثم يستطرد معاوية فيقول :
« فلما رفع مولاي رأسه أتيت اليه وسلمت عليه وتأملت وجهه ، فإذا هو كاسف اللون ، متغير الحال ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر على خديه كاللؤلؤ الرطب. فقلت : يا سيدي ممن بكاؤك لا أبكى الله لك عيناً؟ وما الذي حل بك؟ فقال لي : أو في غفلة أنت عن هذا اليوم؟ فبكيت لبكائه ، وحزنت لحزنه. فقلت : يا سيدي فما الذي فعل في مثل هذا اليوم؟ فقال : يا ابن وهب ، زر الحسين عليهالسلام من بعيد أقصى ، ومن قريب أدنى وجدد الحزن عليه ،وأكثر البكاء عليه والشجو له ... ».
ثم يواصل معاوية الكلام ويقول :
« فقلت : جعلت فداك ، لم أدر أن الأجر يبلغ هذا كله حتى سمعت دعاءك لزواره. فقال لي : يا ابن وهب إن الذي يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعون لهم في الارض ، فإياك أن تدع زيارته لخوف من أحد. فمن تركها لخوف أحد رأى الحسرة والندم. يا ابن وهب ، أما تحب أن يرى الله شخصك؟ أما تحب أن تكون غداً ممن يصافحه رسول الله عليهالسلام يوم القيامة؟
قلت : يا سيدي فما قولك في صومه من غير تبييت؟ فقال لي : لاتجعله صوم يوم كامل. وليكن إفطارك بعد العصر بساعة ، على شربة من ماء ، فإنه في ذلك الوقت انجلت الهيجاء عن آل الرسول وانكشفت الغمة عنهم ، ومنهم في الارض ثلاثون قتيلاً ، يعزعلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مصرعهم ، ولو كان حياً لكان هو المعزى بهم.
ثم بكى الصادق عليهالسلام حتى اخضلت لحيته بدموعه ، ولم يزل حزيناً كئيباً