جلسة الحزين الكئيب ، وأصحابه جلوس حوله. فلما رآني مقبلاً قال لي : مرحباً بك يا دعبل ، مرحباً بناصرنا بيده ولسانه ، ثم إنه وسع لي في مجلسه ، وأجلسني الى جانبه ، ثم قال : يا دعبل أحب أن تنشدني شعراً فإن هذه الأيام أيام حزن كانت علينا أهل البيت ، وأيام سرور كانت على أعدائنا ، خصوصاً بني أمية. ثم إنه نهض وضرب ستراً بيننا وبين حرمه وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدهم الحسين. ثم التفت اليّ وقال يا دعبل ، إرث الحسين ، فأنت ناصرنا ومادحنا ما دمت حياً. قال دعبل : فاستعبرت ، وسالت دموعي وأنشأت :
أفاطم لو خلت الحسين مجدلاً |
|
وقد مات عطشانا بشط فرات |
إذاً للطمت الخد فاطم عنده |
|
وأجريت دمع العين في الوجنات |
الى آخر القصيدة التائية التي تناقلتها جميع كتب التاريخ وأسفار الحديث ، واعتبرتها من أبلغ القصائد رثاء وفجيعة وحزناً (١).
٤ ـ وفي « إقناع اللائم » ما نصه :
روى الصدوق في « عيون أخبار الرضا » بسنده عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : دخل دعبل بن علي الخزاعي رحمهالله على ابي الحسن علي بن موسى الرضا عليهماالسلام بمرو فقال له : يا ابن رسول الله ، إني قد قلت فيكم قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك. فقال عليهالسلام : هاتها فأنشده :
مدارس آيات خلت من تلاوة |
|
ومنزل وحي مقفر العرصات |
فلما بلغ البيت :
أرى فيئهم في غيرهم متقسماً |
|
وأيديهم من فيئهم صفرات |
بكى الامام الرضا عليهالسلام وقال له : صدقت يا خزاعي (٢).
٥ ـ نقلت كتب الحديث عن الامام الرضا عليهالسلام عن يوم عاشوراء ما يلي :
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٥ : ١٥٧.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٦٧.