على ما افيد يكون ثبوت المدلول المطابقي لاستصحاب عدم الدَّين في طول مدلوله الالتزامي ، ومتوقّف على ثبوته في المرتبة السابقة لينحلّ به العلم الإجمالي. وثبوت المدلول الالتزامي لاستصحاب عدم الدَّين في المرتبة السابقة متوقّف على تمامية أركان الاستصحاب المزبور في هذه المرتبة : من اليقين بعدم الدَّين حدوثاً ، والشكّ فيه بقاءً ، وإلّا لو لم تكن أركان الاستصحاب تامّةً في هذه المرتبة لَما كان هناك مجال لإجراء استصحاب عدم الدّين حينئذٍ ولو بمقدار مدلوله الالتزامي.
ومن الواضح أنّ استصحاب بقاء الدَّين بلحاظ مدلوله المطابقي ـ وهو وجود الدَّين ـ يلغي الشكّ في الدَّين ، ويهدم بذلك أركان استصحاب عدم الدَّين ، فلا يبقى مجال لإعمال مدلوله الالتزامي في المرتبة الاولى ؛ لانهدام أركانه ، ولا لإعمال مدلوله المطابقي ، وهو نفي الدَّين في المرتبة المتأخّرة ؛ لأنّه فرع ثبوت المدلول الالتزامي له في الرتبة السابقة ، والمفروض أنّه محكوم في الرتبة السابقة باستصحاب وجود الدَّين.
والحاصل : أنّ استصحاب عدم الدَّين لو كان يقتضي ثبوت مدلوله المطابقي ابتداءً لكان معارضاً لاستصحاب وجود الدَّين ، كما هو الشأن في سائر موارد توارد الحالتين ، إذ كلّ منهما يلغي الشكّ في الدَّين فلا حكومة لأحدهما على الآخر ، ولكنّ المفروض أنّ اقتضاءه لمدلوله المطابقي فرع تمامية اقتضائه لمدلوله الالتزامي وفعليته ، بحيث لو لا فعلية المدلول الالتزامي أوَّلاً لَما كان للدليل اقتضاء للمدلول المطابقي لاستصحاب عدم الدَّين ؛ لمنافاته حينئذٍ لبرهان منجِّزية العلم الإجمالي المخصّص لأدلّة الاصول ، فإذا كان اقتضاء الاستصحاب للمدلول المطابقي متوقّفاً على اقتضائه للمدلول الالتزامي فلا محالة يكون استصحاب وجود الدَّين حاكماً على المدلول الالتزامي لاستصحاب عدم الدَّين ؛ لأنّه رافع