لموضوع الاستصحاب المزبور ، وهو الشكّ في الدَّين ، بخلاف المدلول الالتزامي المزبور لاستصحاب عدم الدَّين فإنّه لا يلغي الشكّ في الدَّين حتى يكون في عرض استصحاب بقاء الدَّين ، بل مفاده التعبد بوجوب الحجّ فقط.
وعليه فاستصحاب وجود الدَّين يكون حاكماً على المدلول الالتزامي لاستصحاب عدم الدَّين ؛ لأجل رفعه لموضوعه وهو الشكّ في الدَّين ، بخلاف العكس ، فلا يثبت المدلول الالتزامي لاستصحاب عدم الدَّين لأجل المحكومية ، وحينئذٍ لا تصل النوبة إلى الأخذ بالمدلول المطابقي لاستصحاب عدم الدَّين ؛ لأنّه موقوف على ثبوت المدلول الالتزامي ، والمفروض محكوميته وعدم ثبوته.
وإن شئت قلت : إنّ ملاك الحكومة ـ وهو دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص ـ موجود في المقام ، فإذا أخذنا باستصحاب بقاء الدَّين كان اقتضاء الاستصحاب الآخر لمدلوله الالتزامي محكوماً وخارجاً بالتخصّص ، وكذلك ينهدم اقتضاؤه في المرتبة المتأخّرة لمدلوله المطابقي.
وأمّا إذا أخذنا باستصحاب عدم الدَّين بكلا مدلوليه الالتزامي والمطابقي كان ذلك تخصيصاً بالإضافة الى استصحاب بقاء الدَّين لا تخصّصاً.
فاتّضح أنّه على ما أفاد من الجواب يلزم حكومة استصحاب بقاء الدَّين على استصحاب عدمه في موارد توارد الحالتين ، مع أنّ الأصحاب الذين هو بصدد توجيه كلامهم على مبانيه لا يلتزمون بذلك.
ويرد عليه ثالثاً : أنّنا لا نتعقّل تشكّل علمٍ إجماليٍّ في الصورة الثالثة أصلاً ، أي فيما إذا كان وجوب الحجّ مترتّباً على المعذّرية من ناحية وجوب الوفاء بالدَين ، فما ذكره من أنّ الأمر ينتهي حينئذٍ إلى العلم الإجمالي بوجوب الوفاء بالدَين أو وجوب الحجّ ، إلّا أنّه غير قابلٍ للتنجيز ممنوع ؛ وذلك لأنّ العلم الإجمالي متقوّم بطرفين أو أكثر.