كان صالحاً للتنجيز بالعلم الإجمالي ، ومجرّد كونه مشكوكاً لا يمنع عن التنجيز على هذا المسلك ، إذ الواقع الموجود في البين مشكوك في سائر موارد العلم الإجمالي ، ومع ذلك يلتزم بكونه منجِّزاً بالصورة العلمية الإجمالية ، فليكن في المقام كذلك. وسوف نتعرّض لهذا تفصيلاً في مبحث الانحلال ، فانتظر.
وأمّا على مباني الاقتضاء فلانحلال العلم الإجمالي في المقام بتنجّز أحد طرفيه بالعلم السابق وجه ، إذ لا يبقى حينئذٍ مانع عن جريان الأصل النافي في الطرف الآخر.
إلّا أنّ التحقيق في النظر القاصر عدم تمامية التقريب المزبور في المقام ؛ حتّى على مباني الاقتضاء ، بمعنى أنّ نجاسة الملاقِي ـ بالكسر ـ في المقام طرف لعلمٍ إجماليٍّ لم يتنجّز شيء من طرفيه بمنجِّزٍ سابقٍ أصلاً حتّى يكون الأصل في الملاقي جارياً بلا معارض.
وبيان ذلك : أنّه لا إشكال عند حصول الملاقاة بين الثوب والإناء الأبيض في حصول علمٍ إجماليٍّ بنجاسة الثوب أو الإناء الأصفر الذي هو طرف الإناء الأبيض ، وليس العلم الأول بنجاسة الأبيض أو الأصفر موجباً لانحلال هذا العلم انحلالاً حقيقياً ، وإن كانت بعض الكلمات موهمة لذلك ؛ وذلك لوضوح أنّ العِلمين الإجماليّين لا يوجب أحدهما انحلال الآخر بمجرّد وجود طرفٍ مشتركٍ بينهما ، فالكلام إذن يتمحّض في الانحلال الحكمي ، وذلك بدعوى جريان الأصل في الملاقي بلا معارض باعتبار تنجّز الطرف الآخر وهو نجاسة الأصفر ، وسقوط الأصل فيه سابقاً.
وعليه فنقول : إنّه إذا علم إجمالاً عند الزوال بنجاسة الإناء الأبيض أو الأصفر فهذا العلم الإجمالي يكون علماً فعلياً بالنجاسة الثابتة في هذا الزمان بالفعل لأحد الإناءين ، ويكون علماً تدريجياً بنجاسة كلٍّ من الإناءين في هذا