المعارضة بين الأصلين.
وهذا بخلافه في المقام ، فإنّه حين حصول العلم الإجمالي الأول بنجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ أو المائع لم يكن المكلّف يعلم بأنّه سوف يحصل في ما بعد اقتضاء لدليل الأصل للتأمين من ناحية نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ بسبب أصالة الطهارة في الملاقى ـ بالفتح ـ حتى يسقط هذا الاقتضاء للتأمين بالمعارضة مع الأصل في الطرف ، بل لم يكن المكلف يعلم إلّا باقتضاءين لدليل الأصل : أحدهما اقتضاؤه لجريان أصالة الطهارة في المائع ، والآخر اقتضاؤه لجريان أصالة الطهارة في الملاقي (بالكسر) ، وحيث يعلم بعدم إمكان فعليتهما معاً فيسقطان بالمعارضة ، وأمّا الاقتضاء للتأمين في جانب الملاقي ـ بالكسر ـ من ناحية شمول دليل الأصل للملاقى ـ بالفتح ـ فلم يكن طرفاً للعلم الإجمالي بالسقوط أصلاً ؛ لعدم العلم بتحقّقه أصلاً ، ففي ظرف تمامية الاقتضاء المزبور لا مانع من تأثيره.
الصورة الثانية (١) : ما إذا علم بالملاقاة ثمّ حدث العلم الإجمالي بنجاسة الطرف أو الملاقى ـ بالفتح ـ والملاقي ـ بالكسر ـ من جهة ملاقاته ، إلّا أنّ الملاقى ـ بالفتح ـ كان خارجاً عن مورد الابتلاء حين حدوث هذا العلم فلا يكون مجرىً للأصل في نفسه ، بل يتعارض الأصل في الطرف مع الأصل في الملاقي ـ بالكسر ـ ويتنجّز هذان الطرفان ، وبعد ذلك إذا دخل الملاقَى ـ بالفتح ـ في محلّ الابتلاء لا يتنجّز ؛ لأنّ العلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة الطرف الآخر منحلّ بتنجّز طرفه الآخر سابقاً ، بل يجري الأصل في الملاقَى ـ بالفتح ـ بلا معارض.
وقد أورد المحقّق العراقي (٢) قدسسره على ما ذكر من وجوب الاجتناب عن
__________________
(١) ممّا ذكره المحقّق الخراساني قدسسره في الكفاية : ٤١١ ـ ٤١٢
(٢) نهاية الأفكار ٣ : ٣٦٣