الالتزام بأنّ العلم الإجمالي عبارة عن العلم التفصيلي بالجامع ، إذ يكون المعلوم منطبقاً على الواقع حينئذٍ بجزئه ، بل هو عبارة عن صورةٍ إجماليةٍ حاكيةٍ عن الواقع.
وثانياً : أنّ الجامع يعلم باستحالة وجوده بلا خصوصية ، فلا بدّ أن ينتهي العلم الإجمالي إلى العلم بالخصوصية الواقعية على سبيل الإجمال ، كما سيأتي بيانه مفصّلاً إن شاء الله ، فراجع.
وهذان الإشكالان لا يردانِ على تقريب القول بالجامع بتعلّق العلم الإجمالي بمفهومٍ جزئيٍّ بالحمل الأولي ، وكلّيٍّ بالحمل الشائع.
أمّا الأول فلما عرفت في المقدمة الثانية من أنّ عنوان الجزئي الذي هو المعلوم الإجمالي وإن كان جامعاً وكلّياً إلّا أنّه منطبق على فرده بتمامه ، وليس كسائر الكلّيات التي لا تنطبق على المشخّصات. فالجامع المزبور يحكي عن الواقع الجزئي بما أنّه جزئي ، بخلاف سائر الكلّيات التي تحكي عن ذات المتشخّص لا بما أنّه متشخّص ، فانطباق المعلوم على الواقع بتمامه وحكايته عنه لا يتوقّف على الالتزام بكون العلم الإجمالي مبايناً للعلم التفصيلي ومتقوّماً بصورةٍ إجماليةٍ حاكيةٍ عن الواقع ، بل يتمّ مع الالتزام برجوعه إلى العلم التفصيلي ، وكونه صورةً تفصيليةً للجامع ، ولكن للجامع المحتوي على نكتةٍ توجب انطباقه على فرده بتمامه ، كما بيّناه.
وأمّا الثاني فلأنّ المعلوم الإجمالي سنخ كلّي لا يعقل أن يكون متشخّصاً بأمرٍ زائدٍ على ما ينطبق عليه حتى يُدَّعى تعلّق العلم بذلك الأمر الزائد أيضاً ، فإنّ مفهوم الإنسان يحتاج في تشخّصه إلى أكثر من الحصّة التي ينطبق عليها ؛ لأنّه لا ينطبق على المشخّصات. وأما مفهوم الانسان الجزئي فهو لا يحتاج في تشخّصه إلى أكثر ممّا ينطبق عليه ؛ لأنّه ينطبق على نفس المتشخّص بما أنّه كذلك ،