والحاصل : المقصود إثبات أنّ القائم بالنفس المقرون للتصديق فرد مجمل من الإنسان ـ مثلاً ـ نسبته إلى كلّ طرفٍ من أطراف العلم الإجمالي نسبة المجمل إلى المفصَّل ، لا الكلّي إلى فرده ، لا أنّ للعلم الإجمالي ولهذا الفرد المجمل مطابقاً في الخارج دائماً ، أو أنّ العلم الإجمالي متقوّم بالواقع الخارجي ليُشكَل بأنّه في هذا الفرض متقوّم بأيٍّ من الطرفين الخارجيَّين.
وأمّا تفريع العلّية على هذا المسلك فلا يضرّ به الإشكال المزبور أيضاً ، وإن كان قد يُقرَّب إضراره ببيان : أنّ دعوى العلّية مبتنية على أن يكون هناك واقع معيّن منكشف بالعلم الإجمالي ، ويكون العلم الإجمالي علّةً تامةً لتنجيزه حتى يكون احتمال التكليف في كلّ طرفٍ احتمالاً للتكليف المُنجَّز بالحكم التنجيزي من العقل. وأمّا إذا فرض أنّه ليس هناك طرف معيّن لأن يكون هو المنكشف لأجل نجاسة كِلا الإناءين ـ مثلاً ـ واستواء نسبتهما إلى العلم ـ كما هو مقتضى النقض المزبور ـ فلا يتنجّز شيء من الطرفين بخصوصه ؛ لأنه بلا مرجّح. ولا يتنجّز كلاهما بنفس العلم ابتداءً ، إذ ليس هو علماً بهما معاً ، فلا محالة إنّما يتنجّز الجامع فقط وينهدم أساس العلّية ؛ لأنّه كان مبنياً على التنجّز الواقع بنفس العلم ابتداءً.
ولكن يندفع هذا التقريب : بأنّ مَن يعلم إجمالاً بنجاسة أحد إناءين ويحتمل نجاسة الآخر وإن كان يحتمل أن لا يكون هناك طرف منهما متعيّن للمنكشفية بعلمه ؛ لاحتماله نجاستهما معاً ، واستواء نسبتهما إلى علمه الموجب لعدم تعيّن أحد الطرفين للمعلومية ، ولأن يتلقّى التنجيز من العلم الاجمالي ابتداءً إلّا أنّه مع ذلك يحتمل وجود مطابقٍ معيّنٍ لعلمه ، إذ يحتمل وحدة النجس في البين المساوقة لوجود معلومٍ إجماليٍّ معيّنٍ له في الخارج يكون متنجّزاً بالعلم ، وإذن فهو يحتمل التكليف المعلوم الخارج عن موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ في