ولا الجمعة ، فلا يقتضي أكثر من الإتيان بأحدهما.
وإن شئت قلت : إنّ مصداقية المأتيّ به من أحد الفعلين في الواجب الواقعي وإن كانت مشكوكةً إلّا أنّ مصداقيته للمقدار المعلوم منه معلومة ، فالمكلف بعد الإتيان بالظهر ـ مثلاً ـ لا يشكّ في الخروج عن عهدة المقدار المعلوم أصلاً.
رابعها : ما في مقالات المحقق العراقي (١) من : أنّ تنجّز الأحكام إنّما هو من لوازم وجودها خارجاً ، لا من لوازم صورها الذهنية ، غاية الأمر أنّ الحكم بوجوده الخارجي إنّما يكتسب التنجّز باعتبار انكشافه بصورته ، ولا يفرّق في صورته التي تكسبه التنجّز بين أن تكون صورةً إجماليةً له أو تفصيلية.
والحاصل : أنّ التنجّز ليس ثابتاً لنفس الصورة العلمية حتى يقال بعدم سريانه تبعاً للعلم ، بل هو ثابت للحكم الواقعي ، ومجرّد كون ثبوته له باعتبار الصورة العلمية لا يوجب تبعيّته لها في عدم السراية.
ويرد عليه :
أولاً : أنّ التنجّز بمعنى استحقاق العقاب على شيءٍ من لوازم العلم والوجود العلمي للتكليف ، فتمام الموضوع والسبب له هو العلم ، ولذا لا فرق في استحقاق العقاب بين موارد إصابة القطع وموارد خطئه. وأمّا التكليف بوجوده الواقعي فليس هو موضوع الاستحقاق وملزومه ، ولا جزء موضوعه أصلاً ، كما نقّحنا ذلك مفصّلاً في مبحث التجرّي ، فراجع.
وثانياً : أنّه لو فرض كون التنجّز من لوازم الوجود الخارجي للحكم ، لا العلمي ، إلّا أنّنا نقول : إنّه لا يكفي في اكتساب الحكم الواقعي للتنجّز انكشافه بالصورة الإجمالية التي نِسبتها اليه نسبة المجمل إلى المفصَّل ، بناءً على تعقّل
__________________
(١) مقالات الاصول ٢ : ٢٣٦