في تنجيزه لكان وجوب الظهر منجَّزاً ، إذ المفروض أنّه منكشف بالصورة العلمية الإجمالية واقعاً.
وسوف يأتي لهذا الإشكال مزيد توضيحٍ في مبحث الانحلال ، فانتظر.
وإذن فهذا كاشف عن أنّ منكشفية الشيء بوجودها الواقعي لا أثر لها ، وإنّما التنجّز فرع المنكشفية المحرَزة ، فلا يتنجّز الواقع بالصورة العلمية الإجمالية أصلاً.
خامسها : ما أفاده المحقّق الأصفهاني (١) من : أنّ عنوان عدم المبالاة بالتكليف اللزومي وعدم الانبعاث ببعثه في وجدان العقل ظلم على المولى ؛ لخروجه عن زيِّ الرّقّيّة ، ومن المعلوم أنّ المبالاة بالوجوب المتعلّق بما لا يخرج عن الطرفين ليست إلّا بالانبعاث عنه ، والانبعاث عن المعلوم لا عن الواقع لا يكون إلّا بفعلهما معاً ، فإنّ الانبعاث عن المعلوم المحكوم بالحسن عقلاً ليس إلّا بالانبعاث في وجدان العقل ، وفعل أحدهما وإن كان يحتمل أن يكون انبعاثاً لكنّه انبعاث عن الواقع المحتمل ، لا انبعاث عن المعلوم ، فالانبعاث عن البعث المعلوم في وجدان العقل إنّما هو بإتيان كلا الفعلين ، فعدم الجمع بينهما عبارة اخرى عن عدم الانبعاث عن البعث المعلوم ، وهو مصداق لعنوان عدم المبالاة بأمر المولى ؛ الذي هو قبيح بحكم العقل ، فينتج : أنّ ترك المخالفة القطعية مصداق لعنوانٍ قبيحٍ عقلاً.
ويتّضح الجواب عنه بما ذكرناه لدفع التقريب الثالث ، فإنّ المقدار المعلوم من التكليف لا يقتضي عقلاً إلّا الإتيان بأحد الفردين ، إذ المقدار المعلوم هو الإلزام بالجامع ، والخصوصيات لمَّا كانت مشكوكةً فوجودها وعدمها سيّان.
فالإلزام بالجامع المعلوم في المقام لا يزيد على الإلزام بالجامع في موارد
__________________
(١) نهاية الدراية ٣ : ٩٤