وجوب الظهر ـ بمعنى قبح العقاب على تركها ـ وإجراءَها عن وجوب الجمعة ـ بمعنى قبح العقاب على تركها ـ يؤدّي إلى قبح العقاب على تركهما معاً ، الذي هو معنى المخالفة القطعية ، فلا بدّ من الالتزام بعدم إعمال القاعدة في الطرفين ؛ لمنافاته مع الحكم بصحة العقاب على المخالفة القطعية.
ولكنّه يندفع بوضوح : أنّ قبح العقاب على كلٍّ من ترك الظهر والجمعة لا ينافي صحة العقاب على ترك الجامع بينهما ، بمعنى أنّ الإتيان بالظهر لا مقتضي له ؛ لعدم إحراز وجوبها ، فيقبح العقاب على تركها ؛ لأنّه عقاب بلا بيانٍ وبلا مقتضي كما أنّ الإتيان بالجمعة لا مقتضي له ؛ لعدم وصول وجوبها ، فيقبح العقاب على تركها بنفس المناط المزبور.
وأمّا الإتيان بالجامع بينهما فله مقتضٍ ، إذ المفروض أنّ المكلف قد أحرز تعلق الإلزام الشرعي بمقدار الجامع بين الفعلين ، فالعقاب على ترك الجامع عقاب مع المقتضي للحركة ، ومع البيان الموصل للتكليف.
وبتعبيرٍ آخر : أنّ مرجع قاعدة قبح العقاب بلا بيانٍ ـ كما بيّنه المحقّق النائيني (١) في محلّه ، وأوضحناه في الجزء الثالث ـ إلى أنّ حركة المكلف إذا لم يكن لها مقتضٍ يقبح العقاب على تركها ، وأنّ المقتضي للحركة منحصر في التكليف بوجوده الواصل ، وحينئذٍ ففي المقام المقدار الواصل من التكليف ـ وهو الإلزام بالجامع ـ إنّما يقتضي الحركة بمقدار الجامع ، ولا يقتضي الحركة إلى الظهر خاصّة ، ولا إلى الجمعة خاصّة ؛ لما عرفت في الناحية الاولى من عدم سراية التنجّز من الجامع إلى الواقع ، فالحركة إلى الجامع لها مقتضٍ للعقاب فيصحّ العقاب على تركها ، وأمّا الحركة الى الظهر والحركة الى الجمعة فلا مقتضي لهما فيقبح
__________________
(١) فوائد الاصول ٢ : ٢١٧ ـ ٢١٨