من هذا الكتاب ، وبيّنّا الوجه في بطلان القضية الحينية تبعاً لسيّدنا الاستاذ (١) ، فإنّه ذهب إلى ذلك ، وإلى أنّه لا واسطة بين الإطلاق والتقييد ، بل الشيء إمّا مطلق ، أو مقيّد ، ولأجل امتناعها ذهب المحقّق الدواني (٢) إلى رجوع لوازم الماهية كلّها الى لوازم الوجود على ما نسب إليه ، ولم يتصور كون اللازم لازماً للماهية حين الوجود بحيث لا يكون الوجود مأخوذاً في الملزوم بوجهٍ أصلاً.
والحاصل : أنّنا نتكلّم على هذا المبنى ، فنقول : إنّه تارةً يتكلّم فيما إذا علم إجمالاً بحرمة أحد الفعلين ، واخرى فيما إذا علم بوجوب أحدهما ، وملاك الجواب وإن كان واحداً إلّا أنّ التعبير عنه مختلف.
أمّا في الأول ـ كما إذا علم بحرمة شرب أحد المائعين ـ فمقتضى شبهة التخيير إجراء أصالة الحلّية في كلٍّ من الشربَين بنحوٍ مخصوص. وحينئذٍ نسأل : أنّ هذه الحلّية الظاهرية الثابتة لكلٍّ من الشربين بنحوٍ مخصوصٍ : إمّا أن يكون موضوعها هو الشرب بجميع حصصه ، أي طبيعيّ شرب المائع المزبور الجامع بين شربه الواقع في عرض شرب الآخر ، أو شربه الواقع في حال اجتناب الآخر. وإمّا أن يكون موضوع الحلّية الشرب المقيّد بترك الآخر بحيث تكون هذه الحصّة الخاصّة محكومةً بالحلّية الظاهرية.
والثاني غير معقول ؛ لأنّ الشرب الخاصّ المقيّد بترك الآخر ليس مشكوك الحرمة حتى تشمله الحلّية المجعولة في دليلها على عنوان المشكوك ؛ لأنّ المحتمل إنّما هو حرمة كلّيّ الشرب ، لا حصصه وأفراده بما أنّها أفراد وحصص خاصّة ، إذ الإطلاق إنّما هو رفض القيود ، لا الجمع بينها ، فمعنى ثبوت الحرمة
__________________
(١) محاضرات ٥ : ٣٦٤
(٢)