ومجرّد أنّ هناك أصل طولي في صلاة الظهر يثبت التكليف لا يوجب عدم وقوع المعارضة بين قاعدة الفراغ في صلاة الظهر مع كلٍّ من الأصل العرضي والطولي في الطرف الآخر ، بعد وجود التكاذب الموجب لوقوع التعارض بين الدليلين.
ولا يتوهّم أنّ قاعدة الفراغ في صلاة الظهر والاستصحاب في الصبح أصلان ومثبتاتهما ليست بحجّة ، فكيف ينفي كلّ منهما الآخر بالالتزام الموجب للتكاذب بينهما ، وذلك لأنّ دليل كل منهما دليل اجتهادي ، وهو دال بالالتزام ـ لا محالة ـ على نفي ما ينافي مدلوله وإن كان نفس المجعول أصلاً.
وإن شئت قرَّبت التعارض بينهما : بأنّ الجمع بينهما مخالفة قطعية ، وترجيح كلٍّ منهما بلا مرجّح ، كما أنّ ترجيح كلٍّ من قاعدتي الفراغ على الاخرى بلا مرجّح.
والمتحصّل : أنّ انحلال العلم الإجمالي بالأصل الطولي المثبت في طرفٍ والأصل الطولي النافي في طرفٍ آخر غير واضح.
لا يقال : غاية ذلك الانتهاء إلى البراءة العقلية بعد سقوط الاصول النافية كلّها بالمعارضة مع الأصل العرضي في الطرف الآخر ، فإنّه لو فرض في طرفٍ أصلٌ نافٍ وفي طوله أصل مثبت ، وفي الطرف الآخر أصل نافٍ وفي طوله أصل نافٍ سقط هذان الأصلان النافيان بالمعارضة مع الأصل النافي في الطرف الآخر ، ويجري الأصل الطولي المثبت في الطرف الآخر وينحلّ به العلم الإجمالي ، ونرجع في ذلك الطرف الذي كان فيه أصلان نافيان سقطا بالمعارضة إلى البراءة العقلية.
لأنّه يقال : إنّ هذا لا يتمّ في ما ذكرناه من المثال ونحوه ؛ لوضوح أنّ قاعدة الفراغ واستصحاب الطهارة بالإضافة إلى صلاة الصبح إن سقطا بالمعارضة بقاعدة