الفعل. وقيل : يعطى أجره من غير تضعيف ، فيفضله الغازي بالتضعيف للمباشرة. قال القرطبي : والقول الأول أصح إن شاء الله للحديث الصحيح في ذلك : «إن بالمدينة رجالا» (١).
٢ ـ تمسك بعض العلماء بهذه الآية بأن أهل الديوان أعظم أجرا من أهل التطوع ؛ لأن أهل الديوان لما كانوا متملّكين بالعطاء ، ويصرّفون في الشدائد ، وتروّعهم البعوث والأوامر ، كانوا أعظم من المتطوع ؛ لسكون جأشه ونعمة باله في الصوائف (الغزو في الصيف) الكبار ونحوها.
٣ ـ احتج بعضهم أيضا بهذه الآية على أن الغنى أفضل من الفقر ؛ لذكر الله تعالى المال الذي يوصل به إلى صالح الأعمال.
وعلى كل للعلماء آراء ثلاثة في هذه المسألة :
فذهب قوم إلى تفضيل الغني ؛ لأن الغني مقتدر والفقير عاجز ، والقدرة أفضل من العجز. وهذا أولى لقولهم : الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر.
وذهب آخرون إلى تفضيل الفقر ؛ لأن الفقير تارك والغني ملابس ، وترك الدنيا أفضل من ملابستها أي مخالطتها والانخراط في شهواتها.
وذهب آخرون إلى تفضيل التوسط بين الأمرين : بأن يخرج عن حدّ الفقر إلى أدنى مراتب الغنى ليصل إلى فضيلة الأمرين ، وليسلم من مذمة الحالين.
٤ ـ (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً) ثم قال : (دَرَجاتٍ مِنْهُ ..) فقال قوم : التفضيل بالدرجة ، ثم بالدرجات إنما هو مبالغة وبيان وتأكيد. وقيل : فضل الله المجاهدين على القاعدين أصحاب الأعذار بدرجة واحدة ، وفضل الله المجاهدين على القاعدين من غير عذر درجات.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٥ / ٣٤٢