فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي من التوجيهات والأحكام :
١ ـ لا تعلق لأحد بالآمال والتمنيات ، وإنما الجزاء منوط بالعمل. فمن عمل صالحا فلنفسه ، ومن أساء فعليها ، وما ربك بظلام للعبيد. وأهل الصلاح وليهم وناصرهم هو الله ، وأهل الضلال والفساد وليهم الشيطان ، والشيطان أعجز من أن يدفع عن نفسه عذاب الله ، فكيف يدفعه عمن غررهم في الحياة الدنيا؟!
وليس للمشركين ولي يتولى أمورهم ولا ناصر ينصرهم ، أي أن الآية إن حملت على الكافر فليس له غدا ولي ولا نصير ، وإن حملت على المؤمن فليس له ولي ولا نصير من دون الله.
٢ ـ لا تقبل الأعمال الحسنة من غير إيمان : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ..) الآية ، فالإيمان شرط أساسي إذ هو قاعدة البناء الديني ؛ لأن المشركين قاموا بخدمة الكعبة ، وإطعام الحجيج وقرى الضيف ، وأهل الكتاب لهم سبق ، وقالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، ولكن لم ينفع الجميع عملهم الصالح من غير إيمان ، عملا بمقتضى هذه الآية.
٣ ـ تفضيل دين الإسلام على سائر الأديان ؛ لقوله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ..) الآية. ومعنى (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) أخلص دينه لله ، وخضع له ، وتوجه إليه بالعبادة. ورأى بعضهم أن معنى (وَهُوَ مُحْسِنٌ) أي موحد ، فلا يدخل فيه أهل الكتاب ؛ لأنهم تركوا الإيمان بمحمد عليهالسلام. والملة : الدين. والحنيف : المسلم.
٤ ـ إبراهيم خليل الله : قال الزمخشري (١) : مجاز عن اصطفائه واختصاصه
__________________
(١) الكشاف : ١ / ٤٢٦