الضخمة السنام) ، ونسقيهم الماء ، ونقري الضيف ، ونفك العاني (الأسير) ، ونصل الرحم ، ونعمر بيت ربنا ونطوف به ، ونحن أهل الحرم ، ومحمد فارق دين آبائه ، وقطع الرحم ، وفارق الحرم ، وديننا القديم ودين محمد الحديث ، فقال كعب : أنتم والله أهدى سبيلا مما هو عليه ، فأنزل الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ...) يعني كعبا وأصحابه ، الآية(١).
المناسبة :
بعد أن أرشد الله تعالى إلى جزيل الثواب بامتثال الأحكام الشرعية ، وحذر المخالف بشديد العقاب ، من خلال الترغيب والترهيب ، ذكر حال بعض أهل الكتاب الذين تركوا بعض أحكام دينهم ، وحرّفوا كتابهم ، واشتروا الضلالة بالهدى ، لينبه المؤمنين إلى وجوب التزام ما أمروا به ، ويحذرهم من إيقاع العقاب عليهم بترك أحكام دينهم ، مثل العقاب الذي استحقه أولئك اليهود في الآخرة حينما يتمنون أن يدفنوا في التراب ، ويزج بهم في نار جهنم.
التفسير والبيان :
ألم تنظر يا محمد إلى الذين أعطوا جزءا من التوراة (الكتاب الإلهي) ثم يستبدلون الضلالة بالهدي ، ويؤثرون الكفر على الإيمان ، ويعرضون عما أنزل الله على رسوله ، ويتركون ما بأيديهم من الأحكام كالكذب وإيذاء الناس وأكل الربا ، ومن العلم عن الأنبياء السابقين في صفة محمدصلىاللهعليهوسلم ، ليشتروا بما اصطنعوه من الطقوس والرسوم الدينية ثمنا قليلا من حطام الدنيا ، ويريدون أن تضلوا معهم الطريق المستقيم ، فتكفرون بما أنزل عليكم أيها المؤمنون ، وتتركون ما أنتم عليه من الهدى والعلم النافع ، والله أعلم بأعدائكم أيها المؤمنون ، ويحذركم منهم ، وكفى بالله وليا : حافظا لكم منهم ويتولى شؤونكم ، وحصنا لمن لجأ إليه ، وكفى
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ص ٨٩