ليجازي المؤمنين الذين آمنوا بالله ورسله وما أنزل إليهم ، وعملوا الأعمال الطيبة الصالحة ، بالعدل والجزاء الأوفى ، فيعطي كل عامل ما يستحقه من الثواب : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ ، فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها ، وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) [الأنبياء ٢١ / ٤٧].
والجزاء بالعدل لا يمنع التفضل بمضاعفة أجر المحسنين ، كما قال تعالى : (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ، إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر ٣٥ / ٣٠] وقال سبحانه : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس ١٠ / ٢٦] فالحسنى جزاء ، والزيادة فضل من الله وإحسان.
وأما الذين كفروا بالله ورسله وأنكروا البعث ، وتعجبوا من الإيحاء إلى بشر ينذرهم ويبشرهم ، فلهم من الجزاء شراب ساخن شديد الحرارة يقطع الأمعاء ويشوي البطون ، بئس الشراب شرابهم ، ولهم أيضا يوم القيامة عذاب موجع مؤلم أشد الألم بسبب كفرهم ، من سموم وحميم وظل من يحموم : (هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ، وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) [ص ٣٨ / ٥٧ ـ ٥٨] (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ. يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) [الرحمن ٥٥ / ٤٣ ـ ٤٤].
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآية إلى ما يأتي :
١ ـ إثبات المعاد (البعث) والحشر والنشر ، بدليل أنه تعالى قادر على كل شيء ، فهو الذي بدأ الخلق ، وهو الذي يعيده : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) [الأعراف ٧ / ٢٩] فالله قادر على أن يخلقنا ابتداء من غير مثال سبق ، فلأن يكون قادرا على إيجادنا مرة أخرى ، مع سبق الإيجاد الأول ، كان أولى وأهون.
٢ ـ الجزاء ثابت على الأعمال ، أما جزاء المؤمنين الصالحين فهو مقصود