(فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) بالذهاب والمجيء والزيادة والنقصان (وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ) من ملائكة وشمس وقمر ونجوم وغير ذلك (وَالْأَرْضِ) وفي الأرض من حيوان وجبال وبحار وأنهار وأشجار وغيرها (لَآياتٍ) دلالات على قدرته تعالى ووجوده ووحدته وكمال علمه وقدرته. (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) يتقون عواقب الأمور ، فيؤمنون ، لأن ذلك يحملهم على التفكر والتدبر ، وخصهم بالذكر ؛ لأنهم المنتفعون بها.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى الأدلة على إثبات الألوهية والتوحيد ، والبعث ، من خلق السموات والأرض ، خصص بالذكر للتأكيد أحوال الشمس والقمر الدالة على التوحيد من جهة الخلق والإيجاد ، وعلى إثبات المعاد من جهة كونهما أداة لمعرفة السنين والحساب ، وذلك رصد للزمن الذي لا بد له من نهاية ، وموت أهله ، ثم ذكر المنافع الحاصلة من اختلاف الليل والنهار ، وما خلق الله في السموات والأرض.
فصارت الأدلة على الألوهية والتوحيد أربعة : خلق السموات والأرض ، وأحوال الشمس والقمر ، والمنافع المترتبة على اختلاف الليل والنهار ، وما خلق الله في السموات والأرض من حوادث وأحوال ، كالأمطار والرعد والبرق ، والزلازل والبراكين ، والمد والجزر في البحار ، وأحوال النبات والحيوان والمعادن.
التفسير والبيان :
الله ربكم هو الذي خلق السموات والأرض ، وجعل الشمس في النهار ضياء للكون ، ومصدرا للحياة وإشعاع الحرارة الضرورية للحياة ، في النبات والحيوان ، وجعل القمر نورا في الليل يبدد الظلمات ، وقدر مسيره في فلكه منازل أو ذا منازل ، ينزل كل ليلة في واحد منها ، وهي ثمانية وعشرون منزلا معروفة لدى العرب ، يرى القمر فيها بالأبصار ، كقوله تعالى : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) [يس ٣٦ / ٣٩].