وهي تضعيف ثواب الأعمال الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وزيادة على ذلك أيضا ، والزيادة التي هي أعظم من جميع ما أعطوه هي النظر إلى وجه الله الكريم ، بدليل ما روى أحمد ومسلم وجماعة من الأئمة عن صهيب رضياللهعنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تلا هذه الآية : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) وقال : «إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد ، يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعدا ، يريد أن ينجزكموه ، فيقولون : وما هو؟ ألم يثقل موازيننا؟ ألم يبّيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ قال : فيكشف لهم الحجاب ، فينظرون إليه ، فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ، ولا أقر لأعينهم».
وروى ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري يحدث عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي ، يا أهل الجنة ـ بصوت يسمع أولهم وآخرهم ـ إن الله وعدكم الحسنى وزيادة ، فالحسنى : الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الرحمنعزوجل».
ونظير الآية قوله تعالى : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا ، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) [النجم ٥٣ / ٣١].
(وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ) أي ولا يغشى وجوههم شيء مما يغشى وجوه الكفرة من الغبرة التي فيها سواد ، والهوان والصغار ، أي لا يحصل لهم إهانة في الباطن ولا في الظاهر ، بل هم كما قال تعالى في حقهم : (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ ، وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) [الدهر ٧٦ / ١١] أي نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم. والصفة الأولى (القتر) هي المذكورة في قوله تعالى : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ ، تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) [عبس ٨٠ / ٤٠ ـ ٤١] والصفة الثانية (الذلة) هي قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ ، عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) [الغاشية ٨٨ / ٢ ـ ٣].