و (أَنْتُمْ) : توكيد لضمير (مَكانَكُمْ) المستتر ، و (شُرَكاؤُكُمْ) : معطوف عليه لوجود التوكيد ، كقوله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [البقرة ٢ / ٣٥ والأعراف ٧ / ١٩].
(فَزَيَّلْنا) من زيّلت الشيء من الشيء : إذا نحيته. ولا يجوز أن يكون من زال يزول ؛ لأنه يلزم فيه الواو ، فيقال : زوّلنا.
(ما كُنْتُمْ إِيَّانا ما) : نافية ، و (إِيَّانا) مفعول به مقدم لتعبدون ، وقدم مراعاة لفواصل الآيات.
(إِنْ) مخففة من الثقيلة ، أي إنا كنا ، واللام في (لَغافِلِينَ) هي الفارقة بينها وبين النافية.
المفردات اللغوية :
(نَحْشُرُهُمْ) أي الخلق وهم فريقا المحسنين والمسيئين المذكورين في الآية السابقة ، والحشر : الجمع من كل جانب إلى موقف واحد (مَكانَكُمْ) أي الزموا مكانكم حتى تنظروا ما يفعل بكم ، وقد سد مسد قوله : «الزموا» ويراد بذلك التهديد والوعيد. (وَشُرَكاؤُكُمْ) أي الأصنام (فَزَيَّلْنا) فرقنا وميزنا وقطعنا ما بينهم من صلات (وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) مجاز عن براءة ما عبدوه من عبادتهم ، فإنهم إنما عبدوا في الحقيقة أهواءهم الآمرة بالإشراك (إِنْ كُنَّا) أي تقول الملائكة والمسيح ومن عبدوه من دونه من أولي العقل ، وقيل : الأصنام ينطقها الله عزوجل ، فتشافههم بذلك ، مكان الشفاعة التي زعموها لهم ، وعلقوا بها أطماعهم بقولهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر ٣٩ / ٣] (وَيَقُولُونَ : هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس ١٠ / ١٨].
(هُنالِكَ) في ذلك اليوم أو في ذلك المقام (تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) تختبر ما قدمت من عمل ، فتعاين نفعه وضرره ، و (أَسْلَفَتْ) : قدمت و (رُدُّوا إِلَى اللهِ) إلى جزائه إياهم بما أسلفوا (مَوْلاهُمُ الْحَقِ) ربهم ومتولي أمرهم على الحقيقة ، لا ما اتخذوه مولى : والحق : الثابت الدائم (وَضَلَ) غاب أو ذهب وضاع عنهم (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) عليه من الشركاء.
المناسبة :
بعد أن أبان الله تعالى مصير المحسنين والمسيئين يوم القيامة ، أعقبه بذكر يوم الجزاء الذي يتم فيه حشرهم ، فيحشر العابد والمعبود ، ثم يتبرأ المعبود من العابد ، ويتبين له أنه ما فعل ذلك بعلمه وإرادته. والمقصود نفي الشفاعة ، فإن