القوم كانوا يقولون : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس ١٠ / ١٨] فبين الله تعالى أنهم لا يشفعون لهؤلاء الكفار ، بل يتبرءون منهم ، وهو يدل على نهاية الخزي والنكال في حق الكفار.
التفسير والبيان :
هذا مشهد فاصل من مشاهد يوم القيامة ، تصفّى فيه علاقة الشرك بين المشركين وآلهتهم المزعومة ، فيقول الله لنبيه : واذكر أيها الرسول يوم نحشرهم أي نجمع أهل الأرض كلهم من جن وإنس وبرّ وفاجر ، وفيهم الفريقان المذكوران سابقا وهم المحسنون والمسيئون كما قال تعالى : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) [الكهف ١٨ / ٤٧].
(ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) أي الذين اتخذوا مع الله شريكا : الزموا مكانكم أنتم وشركاؤكم ، لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل بكم ، كقوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) [الصافات ٣٧ / ٢٤] وفي هذا وعيد وتوبيخ أمام الخلائق.
(فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) أي فرقنا بين الشركاء والمشركين ، وقطعنا ما كان بينهم في الدنيا من صلات وروابط.
وتبرأ الشركاء من عابديهم : (وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ : ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) أي وقال الشركاء لعابديهم : ما كنتم تخصوننا بالعبادة ، إنما كنتم تعبدون الشياطين حيث أمروكم أن تتخذوا لله أندادا ، فأطعتموهم. وفي هذا أيضا تهديد ووعيد ، وأنه تتبدد حينئذ آمال المشركين في شفاعة الشركاء.
والشركاء : إما الملائكة وعيسى المسيح ونحوهم ممن عبدوا من دون الله ، أو الأصنام التي ينطقها الله عزوجل ، فتكلمهم بذلك ، والأولى أن المراد بالشركاء : كل من عبد من دون الله تعالى ، من صنم وشمس وقمر وملك وإنسي وجني.