(فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) أي كفى بالله شاهدا وحكما بيننا وبينكم أنا ما دعوناكم إلى عبادتنا ، ولا أمرناكم بها ، ولا رضينا منكم بذلك. وفي هذا تبكيت عظيم للمشركين ، وتهديد في حق العابدين.
(إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) أي إننا كنا في غفلة تامة عن عبادتكم ، لا نعلم بها ، ولا ننظر إليها ، ولا نرضى عنها ، وقال القرطبي. ما كنا عن عبادتكم إلا غافلين لا نسمع ولا نبصر ولا نعقل ؛ لأنا كنا جمادا لا روح فينا ؛ أي أنه جعل (إِنْ) هنا نافية ، والحق أنها مخففة من الثقلية بدليل دخول اللام على : غافلين.
(هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) أي هنالك في موقف الحساب يوم القيامة تختبر كل نفس وتذوق وتعلم ما قدمت من العمل من خير وشر ، فتعرف كيف هو ، أقبيح أم حسن؟ كما يختبر الرجل الشيء ويتعرفه ، ليتبين حاله؟ كما في قوله تعالى : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [الطارق ٨٦ / ٩].
(وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) أي وأرجعوا إلى الله ، ورجعت الأمور كلها إلى الله الحكم العدل ، الحق الثابت الدائم ، ففصلها ، وأدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، دون تلك الشركاء والأنداد.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي وذهب عن المشركين افتراؤهم وما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه ، ويتخذون تلك الأنداد آلهة مزعومة ، ولم يبق لهم نصير ولا شفيع ، والأمر كله يومئذ لله تعالى. فهذا تنبيه على زوال ما يدعون أن أولئك الشركاء شفعاء ، وأن عبادتهم تقرّب إلى الله تعالى.