بهم ، إن الله غفور رحيم واسع المغفرة والرحمة للمخلصين في أعمالهم ، فهو يستر لهم ما فرط منهم من ذنب أو تقصير ، ويرحمهم بهدايتهم إلى صالح الأعمال المؤدية إلى حسن الختام والمصير ، وإحاطة الرحمة في هذه الآية أبلغ في إثباتها لهم في مثل قوله تعالى : (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ) [التوبة ٩ / ٢١].
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على أن في الأعراب كفارا ومنافقين ومؤمنين. أما الكفار والمنافقون فهم أشد كفرا ونفاقا من غيرهم ، بسبب قسوة البيئة التي يعيشون فيها ، وضعف مستوى الثقافة والمعرفة والعلم في أوساطهم ، مما يجعلهم قساة الطباع والأكباد والقلوب ، ويرتعون في مفاسد الجهل والأهواء ونقص السياسة والتأديب.
وهم أيضا لذلك أولى بألا يعلموا حدود الشرائع ومقادير التكاليف والأحكام وما أنزله الله على رسوله بالوحي الثابت.
وترتب على ذلك أحكام ثلاثة (١) :
أولها ـ لا حق لهم في الفيء والغنيمة ، كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم في صحيح مسلم من حديث بريدة : «ثم أدعهم إلى التحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم بأنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين ، فإن أبوا أن يتحولوا عنها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين ، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين».
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٨ / ٢٣٢