المفردات اللغوية :
(يَحْشُرُهُمْ) الحشر : الجمع من كل جانب إلى موقف واحد. (كَأَنْ) أي كأنهم ، فخففت. (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ) يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا ، أو في القبور ، لهول ما يرون. (يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ) يعرف بعضهم بعضا إذا بعثوا ، ثم ينقطع التعارف لشدة الأهوال. (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ) بالبعث. (وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) طريق الرشاد ، وقوله : (قَدْ خَسِرَ ...) هو استئناف ، فيه معنى التعجب ، كأنه قيل : ما أخسرهم ، وهي شهادة من الله تعالى على خسرانهم ، أو حال من ضمير : (يَتَعارَفُونَ) ، على إرادة القول ، أي يتعارفون بينهم قائلين ذلك.
المناسبة :
لما وصف الله تعالى هؤلاء الكفار بقلة الإصغاء وترك التدبر ، وتكذيبهم القرآن الكريم والنبي صلىاللهعليهوسلم ، أتبعه بالوعيد بالجزاء في الآخرة على ما كان منهم في الدنيا.
التفسير والبيان :
يذكّر الله تعالى الناس بقيام الساعة والحشر من قبورهم إلى أرض المحشر يوم القيامة ، فيقول : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) أي اذكر لهم أيها الرسول وأنذرهم يوم يجمعهم الله بالبعث بعد الموت في موقف الحساب والجزاء ، فيلاحظون كأنهم لم يمكثوا في الدنيا إلا مدة يسيرة ، والساعة مثل في القلة ، ثم انقضت ، حالة كونهم يتعارفون أي يعرف بعضهم بعضا إذا بعثوا ، ثم ينقطع التعارف ؛ لشدة الأهوال ، أو فهم يتعارفون.
وتقديرهم قصر الدنيا في ذلك الموقف الرهيب معنى متكرر في القرآن الكريم ، مثل قوله تعالى : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ ، لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) [الأحقاف ٤٦ / ٣٥] وقوله : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) [النازعات ٧٩ / ٤٦] وقوله : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) [الروم ٣٠ / ٥٥] وقوله : (قالَ : كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ؟