القيامة (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) أي قبل طاعتهم وارتضى أعمالهم (وَرَضُوا عَنْهُ) بما نالوا من نعمه الدينية والدنيوية ، أو بما أفاض عليهم من نعمه الجليلة في الدين والدنيا.
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ) ممن حول بلدتكم المدينة يا أهل المدينة (مُنافِقُونَ) هم جهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار ، كانوا نازلين حولها (مَرَدُوا) مرنوا وحذقوا واستمروا (لا تَعْلَمُهُمْ) لا تعرفهم بأعيانهم أيها النبي (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) بالفضيحة والقتل في الدنيا ، وعذاب القبر ، أو بأخذ الزكاة وإنهاك الأبدان (ثُمَّ يُرَدُّونَ) في الآخرة (إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) هو النار.
(خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً) هو الجهاد السابق قبل ذلك أو إظهار الندم والتوبة (وَآخَرَ سَيِّئاً) وهو تخلفهم ، وهم أبو لبابة وجماعة من المتخلفين أوثقوا أنفسهم على سواري المسجد ، لما بلغهم ما نزل في المتخلفين ، وحلفوا ألا يحلهم إلا النبي صلىاللهعليهوسلم ، فحلّهم لما نزلت (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) أن يقبل توبتهم (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يتجاوز عن التائب ويتفضل عليه.
سبب النزول :
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) : الصحيح عند الرازي أنهم السابقون في الهجرة وفي النصرة.
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ) : قال البغوي ، والواحدي نقلا عن الكلبي : نزلت في جهينة ومزينة وأشجع وأسلم وغفار من أهل المدينة أي كانوا حول المدينة ، يعني عبد الله بن أبيّ ، وجدّ بن قيس ، ومعتّب بن قشير ، والجلاس بن سويد ، وأبي عامر الراهب.
(وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) : أخرج ابن مردويه وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : غزا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فتخلّف أبو لبابة وخمسة معه ، ثم إن أبا لبابة ورجلين معه تفكروا وندموا ، وقالوا لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها ، حتى يكون رسول اللهصلىاللهعليهوسلم هو الذي يطلقها ، ففعلوا ، وبقي ثلاثة نفر لم يوثقوا أنفسهم ، فرجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من غزوة ، فقال : من هؤلاء الموثقون بالسواري؟ فقال رجل : هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا فعاهدوا الله أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم ، فقال : لا أطلقهم حتى أؤمر