بإطلاقهم ، فأنزل الله : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) الآية. فلما نزلت أطلقهم وعذرهم ، وبقي الثلاثة الذين لم يوثقوا أنفسهم لم يذكروا بشيء ، وهم الذين قال الله فيهم : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ) الآية ، فجعل أناس يقولون : هلكوا إذ لم ينزل عذرهم ، وآخرون يقولون: (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) ، حتى نزلت : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا).
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى فضائل قوم من الأعراب ينفقون تقربا إلى الله تعالى ومن أجل دعاء الرسول ، أبان فضائل قوم أعلى منهم منزلة وأعظم ، وهي منازل السابقين الأولين ، ثم أتبعهم ببيان حال طائفة من منافقي المدينة وما حولها ، وإن كانوا غير معلومين بأعيانهم ، وحال طائفة أخرى خلطوا صالح العمل بسيئه وهؤلاء يرجى قبول توبتهم ، ثم عاد بعدئذ لبيان حال طائفة أخرى يرجى أمر قبول توبتهم إلى الله : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ) [الآية : ١٠٦].
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن رضاه على أرفع منزلة في المسلمين وتفضيلهم على من عداهم ، وهم السابقون الأولون ، وهم ثلاث طبقات :
الأولى : السابقون الأولون من المهاجرين الذين هاجروا قبل صلح الحديبية ، فتقدموا على غيرهم في الهجرة والنصرة. وأفضل هؤلاء الخلفاء الراشدون الأربعة ، ثم العشرة المبشرون بالجنة ، وأول السابقين من المهاجرين : أبو بكر الصديق رضياللهعنه ؛ لأن المعول عليه في السبق : الإيمان والهجرة والجهاد والبذل والنصرة.
والثانية : السابقون الأولون من الأنصار : وهم أصحاب بيعة العقبة الأولى