أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ، فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ ، وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) [الرعد ١٣ / ٤٠].
وهذا يدل على أنه تعالى يري رسوله أنواعا من ذل الكافرين وخزيهم في الدنيا ، وسيزيد عليه بعد وفاته.
وهذا ليس حال النبي صلىاللهعليهوسلم مع قومه ، بل هو حال الأنبياء كلهم مع أقوامهم ، فإنه تعالى أرسل لكل أمة من الأمم الخالية رسولا ، يدعوهم إلى الإيمان بالله واليوم الآخر ، وإلى العمل الصالح مناط النجاة في الآخرة. وهذا يدل على أن كل جماعة ممن تقدم قد بعث الله إليهم رسولا : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) [فاطر ٣٥ / ٢٤].
فإذا جاء رسولهم إليهم بالبينات فكذبوه ، قضى الله بينه وبينهم بالعدل ، فيعذبون ، وينجي الله رسوله ومن صدقه ، وهم لا يظلمون في قضائه شيئا ، مما ينزل بهم من عذاب ، فلن يكون عذاب بغير ذنب ارتكبوه.
ويقول كفار قريش للرسول صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين تكذيبا واستهزاء ، كلما هددهم بنزول العذاب على شركهم ولم ينزل : متى يقع هذا الوعيد ، إن كنتم صادقين في تهديدكم وقولكم؟
فأجابهم الله تعالى بجواب يحسم هذه الشبهة : قل أيها الرسول لمن يستعجل العذاب : إني بشر لا أملك لنفسي ضرا أمنعه ، ولا نفعا أجلبه ، إلا ما شاء الله أن يقدرني. والمراد أن إنزال العذاب على الأعداء وإظهار نصر المؤمنين لا يقدر عليه أحد إلا الله سبحانه ، وأنه تعالى ما عيّن لذلك الوعيد وقتا معينا ، فهذا من شأن الإله ، وأما الرسول فمهمته مقصورة على التبليغ لما جاء من عند الله.
والاستثناء هنا في رأي أهل السنة منقطع ، أي ولكن ما شاء الله من ذلك كائن.