الآن ، وقد أيست من نفسك ولم يبق لك اختيار. (وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) قبل ذلك مدة عمرك. (وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) الضالين المضلين عن الإيمان.
(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ) نلقيك على نجوة (مكان مرتفع) من الأرض ليراك بنو إسرائيل ، أو لا نغرقك في قعر البحر ونجعلك طافيا. (بِبَدَنِكَ) جسدك الذي لا روح فيه. (لِمَنْ خَلْفَكَ) بعدك وهم بنو إسرائيل. (آيَةً) عبرة وعظة ، فيعرفوا عبوديتك ولا يقدموا على مثل فعلك. روي عن ابن عباس : أن بعض بني إسرائيل شكّوا في موته ، فأخرج لهم ليروه. (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) أي أهل مكة وغيرهم. (عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها.
(وَلَقَدْ بَوَّأْنا) أنزلنا. (مُبَوَّأَ صِدْقٍ) منزل كرامة أو منزلا صالحا مرضيا وهو الشام ومصر. (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) من اللذائذ. (فَمَا اخْتَلَفُوا) في أمر دينهم ، بأن آمن بعض وكفر بعض ، إلا من بعد ما قرءوا التوراة وعلموا أحكامها ، أو اختلفوا في أمر محمد صلىاللهعليهوسلم إلا من بعد ما علموا صدقه بنعوته وتظاهر معجزاته. (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) من أمر الدين ، بإنجاء المؤمنين وتعذيب الكافرين ، فيميز المحق من المبطل بالإنجاء والإهلاك.
المناسبة :
هذا هو الفصل الخامس من قصة موسى مع فرعون التي ابتدأها الله تعالى بالحوار بينهما ، ثم أتبعها بقصة السحرة ، ثم استطرد في أثنائها لبيان إيمان طائفة من بني إسرائيل بدعوة موسى ، استعدادا للخروج من مصر ، ثم ذكر دعاء موسى على فرعون وملئه.
ولما أجاب الله تعالى دعاء موسى وهارون ، أمر بني إسرائيل بالخروج من مصر في الوقت المعلوم ويسّر لهم أسبابه ، وفرعون كان غافلا عن ذلك ، فذكر هنا خاتمة القصة الدالة على تأييد الله لموسى وأخيه على ضعفهما ، وقوة فرعون وقومه.
التفسير والبيان :
هذا هو الفصل الخامس من قصة موسى عليهالسلام.