المفردات اللغوية :
(فَإِنْ كُنْتَ) أيها السامع في شك مما أنزلنا على لسان نبيك إليك أو أن الخطاب للرسول صلىاللهعليهوسلم والمراد به قومه ، على نحو قول العرب : إياك أعني واسمعي يا جارة ، وهو مثل قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [الزمر ٣٩ / ٦٥] وقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) [الأحزاب ٣٣ / ٤١].
(فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) يا محمد من القصص على سبيل الافتراض. (الْكِتابَ) هنا التوراة. (مِنْ قَبْلِكَ) فإنه ثابت عندهم يخبروك بصدقه ، قال النبيصلىاللهعليهوسلم : «لا أشك ولا أسأل». (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) واضحا لا مرية فيه ، بالآيات القاطعة. (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) الشاكين فيه. (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ ..) أيضا من باب التهييج والتثبيت وقطع الأطماع عنه ، كقوله : (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ) [القصص ٢٨ / ٨٦].
(إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ) وجبت وثبتت. (كَلِمَتُ رَبِّكَ) باستحقاق العذاب. (لا يُؤْمِنُونَ) وهذا واقع ؛ لأن الله لا يكذب كلامه ولا ينتقض قضاؤه. (وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) لأنهم أصروا على الكفر. (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) وحينئذ لا ينفعهم ، كما لا ينفع فرعون.
المناسبة :
بعد أن أخبر الله تعالى عن قصص الأنبياء السابقين كنوح وموسى وهارون عليهمالسلام بإنجاز النصر لهم على أقوامهم ، وحكى اختلاف بني إسرائيل عند ما جاءهم العلم حسدا وبغيا وإيثارا لبقاء الرياسة ، أورد ما يقوي صدق القرآن فيما قال ووعد وأوعد ، وخاطب به النبي صلىاللهعليهوسلم وأراد قومه.
التفسير والبيان :
أراد الله تعالى أن يؤكد صحة القرآن وصدق النبوة على سبيل الافتراض والمبالغة ، فقال : فإن وقع منك شك على سبيل الافتراض والتقدير في صحة ما أنزلنا إليك من القرآن المتضمن قصص الأنبياء المتقدمين مثل هود ونوح وموسى وغيرهم ، فاسأل علماء أهل الكتاب الذين يقرءون الكتاب أي التوراة من قبلك ، فهم على علم تام بصحة ما أنزل إليك.