للدلالة على أن قوم يونس آمنوا بعد كفرهم ، وانتفعوا بذلك الإيمان. وهذا يدل على أن الكفار فريقان : منهم من حكم عليه بخاتمة الكفر ، ومنهم من حكم عليه بخاتمة الإيمان ، وكل ما قضى الله به فهو واقع.
وذكر في هذه الآيات ما يكمل قبلها في أن الله تعالى خلق البشر مستعدين للإيمان والكفر والخير والشر ، وأن مشيئة الله وحكمته متعلقتان بأفعال عباده ، ووقوعها على وفقهما.
وكانت العبرة من إيراد هذه القصص الثلاث (قصة نوح ، وقصة موسى ، وقصة يونس) الرّد على شبهات الكفار التي منها أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يهددهم بنزول العذاب عليهم ، ولم ينزل ، فأبان الله تعالى أن تأخير الموعود به لا يقدح في صحة الوعد ، بدليل أن الله أخّر العذاب عن قوم نوح ، وفرعون ، وقوم يونس ، ثم أوقعه في الأولين ولم يوقعه في قوم يونس بسبب إيمانهم.
أضواء من التاريخ :
ذكر يونس عليهالسلام في القرآن الكريم باسمه أربع مرات : في سورة النساء [١٦٣] والأنعام [٨٦] ويونس [٩٨] والصافات [١٣٩] وذكر بوصفه في سورتين : في سورة الأنبياء : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) [٨٧] وفي سورة القلم : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ ، إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ) [٤٨].
وهو يونس بن متى ، ويقول أهل الكتاب : يونس بن أمتاي. وقد أرسله الله تعالى إلى نينوى من أرض الموصل ، فكذبوه ، فوعدهم بالعذاب بعد مدة ، قيل : إلى أربعين يوما ، وذهب عنهم مغاضبا ، فلما فقدوه خافوا نزول العقاب ، ولما دنا الموعد غامت السماء غيما أسود ذا دخان شديد ، فهبط حتى غشي مدينتهم ، فهابوا فطلبوا يونس فلم يجدوه ، فأيقنوا صدقه ، فلبسوا المسوح ، وبرزوا إلى