(وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) أي ويجعل الله العذاب على الذين لا يتدبرون حجج الله وأدلته ، ولا يستعملون عقولهم في النظر بما يرشدهم إلى الحق من آيات الله وحججه الكونية والعقلية القرآنية ، فهم لتعطيلهم منافذ المعرفة وحواسهم الهادية إلى الصواب ، ولاتباع الهوى ، يؤثرون الكفر على الإيمان.
فقه الحياة أو الأحكام :
استنبط العلماء من الآيات ما يأتي :
١ ـ الحض على الإيمان وقت الرخاء والسعة قبل الإحاطة بالعذاب ، فهو الوقت الذي يقبل فيه الإيمان.
٢ ـ خص الله قوم يونس من بين سائر الأمم بقبول توبتهم بعد معاينة العذاب ، كما ذكر الطبري عن جماعة من المفسرين. وقال الزجاج : إنهم لم يقع بهم العذاب ، وإنما رأوا العلامة التي تدل على العذاب ، ولو رأوا عين العذاب لما نفعهم الإيمان.
قال القرطبي معلقا : قول الزجاج حسن ؛ فإن المعاينة التي لا تنفع التوبة معها هي التلبس بالعذاب كقصة فرعون ، ولهذا جاء بقصة قوم يونس على أثر قصة فرعون ؛ لأنه آمن حين رأى العذاب فلم ينفعه ذلك ، وقوم يونس تابوا قبل ذلك. ويعضد هذا قولهصلىاللهعليهوسلم فيما رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن ابن عمر : «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» والغرغرة : الحشرجة ، وذلك هو حال التلبس بالموت ، وأما قبل ذلك فلا (١).
فعلى قول الزجاج والقرطبي : لا تخصيص لقوم يونس.
٣ ـ احتج أهل السنة بآية : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ...) على قولهم بأن جميع
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٨ / ٣٨٤