قال القرطبي : والقول الأول أصح إن شاء الله ، لأنّ النّبي صلىاللهعليهوسلم ـ فيما يرويه البخاري ومسلم ـ مرّ على قبرين ، فقال : «إنهما ليعذّبان وما يعذّبان في كبير ، أما أحدهما : فكان يمشي بالنّميمة ، وأما الآخر فكان لا يستبرئ من بوله» ولا يعذّب الإنسان إلا على ترك واجب. وروى أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة عن النّبيصلىاللهعليهوسلم قال : «أكثر عذاب القبر من البول».
واحتجّ الآخرون بخلع النّبي صلىاللهعليهوسلم نعليه في الصّلاة لما أعلمه جبريل عليهالسلام أنّ فيهما قذرا وأذى (١). ولما لم يعد ما صلّى دلّ على أنّ إزالة النّجاسة سنّة ، وصلاته صحيحة ، ويعيد ما دام في الوقت ، طلبا للكمال.
١٢ ـ دلّت آية : (أَفَمَنْ أَسَّسَ ..) على أن كلّ شيء ابتدئ بنيّة تقوى الله تعالى والقصد لوجهه الكريم ، هو الذي يبقى ، ويسعد به صاحبه ، ويصعد إلى الله ويرفع إليه : (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) [الكهف ١٨ / ٤٦].
١٣ ـ كان مسجد الضّرار سببا لريبة المنافقين ، فإنهم لما بنوه عظم فرحهم به ، ولما أمر الرّسول صلىاللهعليهوسلم بتخريبه ، ثقل ذلك عليهم ، وازداد بغضهم له ، وزاد ارتيابهم في نبوّته. وظلّ ذلك الرّيب في قلوبهم حتى الموت.
__________________
(١) أخرجه أبو داود وغيره عن أبي سعيد الخدري رضياللهعنه.