سبب النزول :
روى البخاري وغيره عن كعب بن مالك قال : لم أتخلف عن النبي صلىاللهعليهوسلم في غزوة غزاها إلا بدرا ، حتى كانت غزوة تبوك ، وهي آخر غزوة ، وآذن الناس بالرحيل ... فأنزل الله توبتنا : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ) إلى قوله : (إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) قال : وفينا نزل أيضا : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
المناسبة :
بعد أن استقصى الله تعالى في شرح أحوال غزوة تبوك ، وأحوال المتخلفين عنها ، عاد في هذه الآية إلى شرح ما بقي من أحكامها ، وهذا أسلوب القرآن في تفريق الآيات في الموضوع الواحد ، للتأثير على النفس ، وتجديد الذكرى ، ومنع اليأس في التلاوة.
والآية مناسبة لما قبلها في النهي عن الاستغفار للمشركين ، وكان ذلك من النبيصلىاللهعليهوسلم خلاف الأولى ، كما كان من بعض الصحابة زلات ، فذكر تعالى أنه تفضل عليهم وتاب عليهم في تلك الزلات.
التفسير والبيان :
لقد تفضل الله ورضي عن نبيه ، وتاب على أصحابه المؤمنين الذين صاحبوه واتبعوه في غزوة تبوك وقت الشدة والضيق ، التي تسمى غزوة العسرة ، وجيشها جيش العسرة الذي جهزه عثمان وغيره من الصحابة رضياللهعنهم. فكانوا في نقص شديد من وسائط الركوب والزاد والماء ، حتى إن العشرة يعتقبون البعير الواحد ، ويقتسم الاثنان التمرة الواحدة ، وينحرون البعير ويعتصرون الفرث الذي في كرشه ، ليبلّوا به ألسنتهم ، بالإضافة إلى شدة الحر أو حرارة القيظ التي