صادفت خروجهم لتلك الغزوة. قال جابر بن عبد الله في ساعة العسرة : عسرة الظهر (الإبل) وعسرة الزاد ، وعسرة الماء.
والتوبة على النبي ؛ لأنه كان قد صدر عنه ما هو خلاف الأفضل والأولى ، مثل إذن المنافقين في التخلف بناء على اجتهاد منه لم يقره الله عليه ؛ لأن غيره خير منه ، فسر ابن عباس التوبة على النبي صلىاللهعليهوسلم وعلى المؤمنين ، بقوله : كانت التوبة على النبي لأجل إذنه للمنافقين في القعود ؛ دليله قوله : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) [التوبة ٩ / ٤٣] وعلى المؤمنين من ميل قلوب بعضهم إلى التخلف عنه.
والتوبة على الصحابة من المهاجرين والأنصار كانت بسبب تثاقل بعضهم في الخروج ، أو لسماعهم للمنافقين ما يثيرونه من فتنة.
والتوبة هنا ذات معنيين : بالنسبة للنبي صلىاللهعليهوسلم تعني الرضا والعطف ، وبالنسبة للصحابة تعني قبول التوبة منهم وتوفيقهم إليها.
حدثت هذه التوبة على المؤمنين من بعد ما كاد يزيغ أو يميل بعضهم عن الحق والإيمان ، وهم الذين تخلفوا لغير سبب النفاق ، وهم الذين عملوا عملا صالحا وآخر سيئا ، واعترفوا بذنوبهم ، فقبل الله توبتهم. ومن بعد ما ارتاب بعضهم بما نالهم من المشقة والشدة في سفرهم وغزوهم.
ثم أكد الله تعالى التوبة عليهم ، فقال : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) أي رزقهم الإنابة إلى ربهم والرجوع إلى الثبات على دينه ، إن ربهم رؤف رحيم بهم ، فلا يتركهم بعد ما صبروا على الجهاد في سبيله ، وإنما يزيل ضررهم ويوصل المنفعة إليهم. وهذا معنى الرأفة أي السعي في إزالة الضر ، والرحمة أي السعي في إيصال النفع.
وفائدة تأكيد ذكر التوبة مرة أخرى تعظيم شأنهم ، وإزالة الشك من نفوسهم ، والتجاوز عن وساوسهم التي كانت تقع في قلوبهم في ساعة العسرة.