الجهاد فرض كفاية ، متى قام به البعض سقط الإثم عن الباقين ، لا فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل ، وإنما يصبح فرض عين إذا خرج الرسول للجهاد واستنفر الناس إليه.
فهلا نفر في أثناء النهضة من كل جماعة كالقبيلة أو البلد طائفة قليلة منهم للتفقه في الدين ، ومعرفة أحكام الشريعة وأسرارها ، حتى إذا ما رجع المجاهدون من المعركة أنذروهم من الأعداء وحذروهم من غضب الله وعرفوهم أحكام الدين ، لكي يخافوا الله ، ويحذروا عاقبة عصيانه ، ومخالفة أمره.
والضمير في (لِيَتَفَقَّهُوا) ، و (لِيُنْذِرُوا) للمقيمين مع النبي صلىاللهعليهوسلم. وضمير (إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) أي المجاهدون من الجهاد.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآية على الأحكام التالية :
١ ـ الجهاد فرض كفاية ، وليس فرض عين ، إذ لو نفر الكل لتعطلت مصالح الأمة ، وتضررت الأسر والأولاد ، فليخرج فريق من المسلمين للجهاد ، وليقم فريق يتفقهون في الدين ، ويحفظون الحريم ، ويصونون مصلحة البلاد.
حتى إذا عاد النافرون أعلمهم المقيمون ما تعلموه من أحكام الشرع. وهذه الآية مبينة لقوله تعالى : (إِلَّا تَنْفِرُوا) وللآية التي قبلها : (انْفِرُوا). وقال مجاهد وابن يزيد : ناسخة والأصح القول بأنها مبينة لا ناسخة. وكل من (مِنْ) المفيدة للتبعيض ، والفرقة (الجماعة الكثيرة) والطائفة (الجماعة الأقل) يفيد كون الجهاد وطلب العلم موجها للبعض.
٢ ـ وجوب طلب العلم ، والتفقه في القرآن والسنة ، وهو فرض على الكفاية لا على الأعيان ؛ بدليل قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ