لا تَعْلَمُونَ) [النحل ١٦ / ٤٣]. وآية (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) وإن اقتضت فقط الحث على طلب العلم والندب إليه دون الوجوب والإلزام ، فقد لزم طلب العلم بأدلة أخرى ، مثل حديث : «طلب العلم فريضة على كل مسلم» رواه ابن عدي والبيهقي عن أنس ، ورواه آخرون.
والطائفة وإن أطلقت على الاثنين والواحد في اللغة ، فلا شك إن المراد بها هنا جماعة ؛ لقوله تعالى : (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ) فجاء بضمير الجماعة ، ولأن العلم لا يتحصل بواحد في الغالب.
ومما يدل على أن الواحد يقال له طائفة قوله : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) [الحجرات ٤٩ / ٩] يعني نفسين ، بدليل قوله تعالى : (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) فجاء بلفظ التثنية. وأما ضمير (اقْتَتَلُوا) وإن كان ضمير جماعة ، فأقل الجماعة اثنان ، في أحد القولين للعلماء.
٣ ـ يجب أن يكون المقصود من التفقه والتعلم دعوة الخلق إلى الحق ، وإرشادهم إلى الدين القويم والصراط المستقيم ؛ لأن الآية أمرت بإنذارهم إلى الدين الحق ، وعليهم أن يحذروا الجهل والمعصية ، ويرغبوا في قبول الدين. فغرض المعلم الإرشاد والإنذار ، وغرض المتعلم اكتساب الخشية. هذا .. وطلب العلم ينقسم قسمين : فرض على الأعيان ؛ كالصلاة والزكاة والصيام ، وفرض على الكفاية ؛ كتحصيل الحقوق وإقامة الحدود والفصل بين الخصوم ونحوه.
وطلب العلم فضيلة عظيمة ، ومرتبة شريفة لا يوازيها عمل ، لما رواه مسلم : «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» وروى الترمذي عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يقول : «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض ، والحيتان في جوف الماء ، وإن فضل