المفردات اللغوية :
(يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ) في التخلف (إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ) من الجهاد أو من هذه السفرة (لا تَعْتَذِرُوا) بالمعاذير الكاذبة ؛ لأنّه (لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ) لن نصدقكم ؛ لأنه (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) أي أخبرنا بأحوالكم ، وأعلمنا بالوحي إلى نبيه بعض أخباركم ، وهو ما في ضمائركم من الشر والفساد (وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) هل تتوبون عن الكفر أم تبقون عليه ، وكأنه إعطاء فرصة للتوبة (ثُمَّ تُرَدُّونَ) بالبعث (إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي إلى الله. والغيب : كل ما غاب عنك علمه. والشهادة : كل ما تشهده وتعرفه من عالم الحس (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فيجازيكم عليه بالتوبيخ والعقاب عليه (انْقَلَبْتُمْ) رجعتم إليهم ووصلتم من تبوك (لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ) لتصفحوا عنهم ولا تعاتبوهم (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ) ولا توبخوهم (إِنَّهُمْ رِجْسٌ) قذر ، لخبث باطنهم ، فيجب الإعراض عنهم ، ولا ينفع فيهم التأنيب (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) من تمام التعليل ، أي إن النار كفتهم عتابا ، فلا تتكلفوا عتابهم (فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ ...) المقصود من الآية : النهي عن الرضا عنهم والاغترار بمعاذيرهم ، بعد الأمر بالإعراض وعدم الالتفات نحوهم. فلا ينفع رضاكم مع سخط الله وتأكد عقابه إياهم.
سبب النزول :
روي عن ابن عباس أن هذه الآيات نزلت في الجدّ بن قيس ، ومعتّب بن قشير وأصحابهما من المنافقين ، وكانوا ثمانين رجلا ، أمر النبي صلىاللهعليهوسلم المؤمنين لما رجعوا إلى المدينة بألا يجالسوهم ولا يكلموهم.
وقال قتادة ومقاتل : إنها نزلت في عبد الله بن أبيّ ، فإنه حلف للنبيصلىاللهعليهوسلم بعد عودته ألا يتخلف عنه أبدا ، وطلب أن يرضى عنه ، فلم يفعل.
المناسبة :
بعد أن لام الله تعالى المنافقين المعذّرين الذي انتحلوا الأعذار للتخلف عن غزوة تبوك ، وعذر المحقين من أصحاب الأعذار ، ورفع الحرج عن الضعفاء والمرضى والفقراء ، أخبر المؤمنين بما سيكون من أمر المنافقين الذين تخلفوا في