نزول السورة عمى ، أضيف ذلك إلى السورة على طريق الاستعارة.
(أَوَلا يَرَوْنَ) هذه ألف استفهام ، دخلت على واو العطف ، وهو خطاب على سبيل التنبيه.
المفردات اللغوية :
(سُورَةٌ) من القرآن (فَمِنْهُمْ) من المنافقين (مَنْ يَقُولُ) لأصحابه استهزاء (إِيماناً) تصديقا (يَسْتَبْشِرُونَ) يفرحون بها وبنزولها (مَرَضٌ) شك وضعف اعتقاد وكفر ونفاق (رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) كفرا ونفاقا إلى كفرهم (وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) واستحكم ذلك فيهم حتى ماتوا على الكفر.
(أَوَلا يَرَوْنَ) أي المنافقون يا أيها المؤمنون (يُفْتَنُونَ) يبتلون بأصناف البلاء ، أو بالجهاد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيعاينون ما يظهر عليه من الآيات (فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) أي أنهم يتعرضون للعذاب في الدنيا في كل عام مرة أو مرتين ، وقال مقاتل : يفضحون بإظهار نفاقهم كل سنة مرة أو مرتين (ثُمَّ لا يَتُوبُونَ) من نفاقهم (وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) يتعظون. (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) فيها ذكرهم وقرأها النبي صلىاللهعليهوسلم (نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) تغامزوا بالعيون إنكارا لها وسخرية ، أو غيظا ، لما فيها من عيوبهم (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) أي أنهم يريدون الهرب ، ويقولون : هل يراكم أحد إن قمتم من حضرة الرسولصلىاللهعليهوسلم ، فإن لم يرهم أحد قاموا ، وإن رآهم أحد أقاموا وتثبتوا (ثُمَّ انْصَرَفُوا) على كفرهم (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) عن الهدى والإيمان ، وهو يحتمل الإخبار ، والدعاء (بِأَنَّهُمْ) بسبب أنهم (قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) الحق ، لسوء فهمهم وعدم تدبرهم.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى أنواعا من مخازي المنافقين وأعمالهم القبيحة ، كتخلفهم عن غزوة تبوك ، وتعللهم بالإيمان الفاجرة ، ذكر هنا أنواعا أخرى أخطر مما سبق ، وهي استهزاؤهم بالقرآن وتهربهم حين سماعه ؛ لأنه كلما نزلت سورة مشتملة على تبيان فضائحهم وعيوبهم تأذوا من سماعها ، وكذلك كلما سمعوا سورة وإن لم يذكر فيها شيء عنهم ، استهزءوا بها وطعنوا فيها ، وأخذوا في التغامز والتضاحك على سبيل الطعن والهزء.