٨ ـ ليست مهمة النّبي صلىاللهعليهوسلم تلبية طلبات المشركين واقتراحاتهم ، إنما مهمته الإنذار ، أي التعليم ، فهو منذر لقومه مبين لهم ، ولكل قوم من قبله هاد ومنذر وداع.
٩ ـ لكل قوم هاد ، أي نبي يدعوهم إلى الله. وقيل : الهادي الله ؛ أي عليك الإنذار ، والله هادي كل قوم إن أراد هدايتهم.
١٠ ـ اجتمع من المشركين كما تحكي هذه الآية ثلاثة طعون : وهي أنهم طعنوا في نبوته بسبب طعنهم في الحشر والنّشر ، ثم طعنوا في نبوته بسبب طعنهم في صحة ما ينذرهم به من نزول عذاب الاستئصال ، ثم طعنوا في نبوته بأن طلبوا منه المعجزة والبينة.
وسبب كل هذه الطعون : أنهم أنكروا كون القرآن من جنس المعجزات ، وقالوا : هذا كتاب مثل سائر الكتب. والإتيان بكتاب معين ، لا يكون معجزا البتة ، وإنما المعجز ما يكون مثل معجزات موسى وعيسى عليهماالسلام ، كفلق البحر بالعصا ، وقلب العصا ثعبانا.
ولا تعني هذه الآية أنه لم تظهر معجزة تصدق النّبي عليه الصلاة والسّلام سوى القرآن ، ولعل الكفار ذكروا هذا الكلام قبل مشاهدة سائر المعجزات ، أو أنهم طلبوا منه معجزات سوى المعجزات التي شاهدوها منه صلىاللهعليهوسلم كحنين الجذع ، وانشقاق القمر ، ونبوع الماء من بين أصابعه ، وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل.
ويظل القرآن هو المعجزة الكبرى للنّبي صلىاللهعليهوسلم ، فهو المناسب لزمنه ، فلما كان الغالب في زمان موسى عليهالسلام هو السّحر ، جعل معجزته ما هو أقرب إلى طريقتهم ، ولما كان الغالب في أيام عيسى عليهالسلام الطب ، جعل معجزته ما كان من جنس تلك الطريقة ، وهو إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه (الأعمى الذي ولد فاقد البصر) والأبرص ، ولما كان الغالب في أيام الرسول صلىاللهعليهوسلم الفصاحة