٤ ـ يباح للرّجل الفاضل أن يعمل للرّجل الفاجر ، والسّلطان الكافر ، إذا علم أنه لا سبيل إلى إقامة الحقّ وسياسة الخلق إلا بالاستعانة به ، وكان مفوّضا في فعله لا يعارضه فيه ، فيصلح منه ما شاء. وأما إذا كان عمله بحسب مراد الفاجر وهواه ، فلا يجوز.
فإن كان المولّي ظالما فللعلماء قولان : أحدهما ـ جواز تولّي العمل له إذا عمل بالحقّ فيما تقلّده : لأن يوسف عليهالسلام ولّي من قبل فرعون ، ولأن الاعتبار بفعله لا بفعل غيره.
الثاني : أنه لا يجوز ذلك : لما فيه من إعانة الظّالم على ظلمه ، وتزكيته ودعمه وتأييده بتقلّد أعماله. وأما فرعون يوسف فكان صالحا ، وعن مجاهد : أن الملك أسلم على يده. وإنما الطّاغي فرعون موسى ، ثم إنّ يوسف نظر في مصالح الأمة والبلاد وأملاك الملك دون أعماله ، فزالت التّبعة عنه.
٥ ـ للإنسان أن يصف نفسه بما فيه من علم وفضل إذا دعته الضرورة إليه ، كالكسب المعيشي ونحوه.
٦ ـ قوله تعالى : (وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) شهادة من الله تعالى على أن يوسف عليهالسلام كان من المحسنين.
٧ ـ غمرت رحمة الله وفضله وإحسانه يوسف عليهالسلام لصبره وتقواه ، وإنه سبحانه ما أضاع يوسف لصبره في الجبّ ، وفي الرّقّ ، وفي السّجن ، وعلى أذى إخوته ، وصبره عن محارم الله عما دعته إليه المرأة.
٨ ـ إن ثواب الآخرة وعطاء الله فيها أجلّ وأعظم وأكثر من عطاء الدّنيا لمن كان مؤمنا تقيّا ، لأن أجر الآخرة دائم ، وأجر الدّنيا منقطع ، وظاهر الآية : (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ ...) العموم في كلّ مؤمن متّق ، وهي تدلّ دلالة خاصة على