فلهؤلاء الملائكة الحفظة وظائف ، منها : حفظ الإنسان في الليل والنهار من المضارّ والحوادث بإذن الله وأمره ورعايته ، ويقوم به ملائكة معينون وعددهم اثنان يحرسه أحدهما من ورائه والآخر من قدامه ، ومنها حفظ الأعمال من خير أو شر ، ويقوم به ملائكة آخرون ، وهما اثنان عن اليمين والشمال ، يكتبان الأعمال ، صاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات ، كما قال تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ. ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق ٥٠ / ١٧ ـ ١٨] فصار مجموع ملائكة كل إنسان أربعة أملاك بالنهار ، وأربعة آخرين بالليل ، وهم حافظان وكاتبان ، كما جاء في الحديث الصحيح عند البخاري : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل ، وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ، فيصعد إليه الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بكم : كيف تركتم عبادي؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون» وفي الحديث الآخر : «إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء ، وعند الجماع ، فاستحيوهم وأكرموهم».
قال ابن عباس : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) : ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه.
ومن علم أن الملائكة الحفظة ترصد عليه أعماله وتحصي أقواله وأفعاله ، تهيّب من مخالفة أوامر ربه ، وكان حذرا من المعاصي ، حتى لا تسجل عليه ، ويفاجأ بها يوم القيامة ، كأنه شريط مسجل من وقت التكليف (البلوغ والعقل) إلى الوفاة.
وقوله (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) أي يحفظونه بأمر الله وبإذنه ، فحفظهم إياه متسبب عن أمر الله لهم بذلك. أو يحفظونه من بأس الله ونقمته إذا أذنب بدعائهم له ، وسؤالهم ربه أن يمهله ، رجاء أن يتوب وينيب ، كقوله : (قُلْ : مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) [الأنبياء ٢١ / ٤٢].
ثم بيّن الله تعالى مزيد فضله وعدله بأنه لا عقاب بدون جريمة ، فقال :