هي جمادات ، وإذا كنتم مقرين بوجود الله ، فما بالكم اتخذتم من دونه نصراء عاجزين وأولياء تعبدونهم ، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا؟!
وإذا كانت تلك الآلهة لا تملك لنفسها النفع والضر ، فهي لا تملك لعابديها بطريق الأولى نفعا ولا ضرا. فهل يستوي من عبد هذه الآلهة مع الله ، ومن عبد الله وحده لا شريك له ، فهو على نور من ربه؟ لهذا قال : (قُلْ : هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ..).
أي قل لهم مبينا لهم سوء اعتقادهم : هل يتساوى الأعمى الذي لا يبصر شيئا ، والبصير الذي يدرك الحق ويهدي الأعمى إليه؟ أم هل تتساوى الظلمات والنور؟ جمع الظلمات وأفرد النور ؛ لأن طريق الحق واحدة ، وطرق الباطل والكفر متعددة.
والمراد : هل يمكن لأحد الحكم بتساوي الكافر والمؤمن ، وتساوي الكفر والإيمان ، فالكافر كالأعمى ، والكفر كالظلمات ، والمؤمن كالبصير ، والإيمان كالنور؟
(أَمْ جَعَلُوا) بل جعلوا أي جعل هؤلاء المشركون مع الله آلهة تناظر الرب وتماثله في الخلق ، وحينئذ تشابه خلق الشركاء بخلق الله عندهم ، فحينما جعلوا لله شركاء موصوفين بالخلق مثل خلق الله ، تشابه ذلك عليهم ، فيعبدونهم ، مع أنهم لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ، فكيف يشركون في العبادة ، أفمن يخلق كمن لا يخلق؟! وهذا بمعنى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) [الحج ٢٢ / ٧٣].
والمراد : ليس الأمر على هذا النحو ، فإنه تعالى لا يشابهه شيء ، ولا يماثله شيء ، ولا ندّ له ، ولا وزير له ، ولا ولد له ولا صاحبة ، وهؤلاء المشركون عبدوا آلهة ، وهم معترفون أنها مخلوقة لله ، وهم عبيد له ، كما صرحوا في تلبيتهم :